للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجدون السكن في ست عشرة زاوية (١).

ولكن مصدر التعليم الثانوي ليس دائما متوفرا. فقد كان أساسا من الأوقاف التي كان يعتريها الخلل وعدم الاستقرار من تهاون الوكلاء وكثرة المستفيدين منها أو تحويلها إلى أغراض أخرى. ومن جهة أخرى كان عدد الطلبة يزداد. ولذلك كان الواقفون في أغلب الأحيان يحددون عدد المستفيدين من الوقف، وهو عدد لا يدل على اتساع حركة التعليم لأنه بالنسبة لعدد السكان كان ضئيلا جدا (٢). فقد اشترط وقف مدرسة صالح باي بقسنطينة قبول ثمانية طلاب فقط في النظام الداخلي على أن يسكن كل طالبين في غرفة واحدة (٣)، كما أنه قد نص في وقف زاوية شيخ البلاد بالعاصمة على أن يكون الطلبة من الأتراك (٤)، وكانت غرفها لا تتجاوز خمسة على كل حال. وكذلك الشأن في طلاب جامع سوق الغزل ومدرسته في قسنطينة، فإن عددهم كان اثني عشر طالبا ويحصلون على مائة وأربعة وأربعين ريالا (٥) فالطلاب هنا كانوا في حالة جيدة نسبيا إذا سمحت لهم ظروف الأسرة بمواصلة التعلم.

وتختلف أعداد الطلبة في المدارس الثانوية من عهد إلى آخر أيضا، كما أن إحصاءاتها غير دقيقة. وما دامت الدراسة في هذا المستوى تابعة للأوقاف فإن خط سيرها كان غير مستقر أيضا. لذلك يجب الحذر من الحكم القائل بازدهار التعليم في عهد الباي فلان مثلا لأن ذلك الحكم قد يكون صادرا عن


(١) ايمريت (مجلة التاريخ الحديث والمعاصر) ١٩٥٤، ٢٠٣، عن عدد المؤسسات التعليمية في كل مدينة، انظر الفصل السابق.
(٢) وجدنا في الأرشيف الفرنسي (دفتر ١٧٠ - ١٦٨ - ٣١ - ٢٢٨ - M ١) ما يدل على وقف الأوقاف للطلبة وذلك حوالي سنة ١١٧٤ وسنة ١١٨٣. وأحيانا يدخل وقف الطلبة ضمن أوقاف عامة أخرى مثل فدية الأسرى المسلمين والفقراء بالجزائر الخ ..
(٣) أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا)، ١٥٣. وفايسات (روكاي)، ١٨٦٨، ٣٥٧.
(٤) ديفوكس (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٨، ٢٨٠.
(٥) فيرو (المجلة الإفريقية)، ١٨٦٨. ١٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>