مزيج من الطب الديني والعلمي والوراثي. وقد تحدث الأوروبيون عن بعض هؤلاء الأطباء الشعبيين. فالضابط ريشارد قد سجل قائمة بأسمائهم. وهم كما قال آخر، ليسوا من خريجي المدارس، بل كانوا لا يعرفون حتى الكتابة والقراءة، ولعلهم كانوا يعتقدون أنها غير مفيدة لهم، ولا يقوم هؤلاء (الأطباء) بأي بحث في الموضوعات الطبية. وإنما كانوا يتعلمون بالوراثة والملاحظة والتجربة، ولهم ذكاء فطري، وقد لاحظ أحد الفرنسيين أن أعلام الطب (الإسلامي) أمثال الرازي وابن سينا وابن رشد، غير معروفين حتى للمتعلمين من الجزائريين سنة ١٨٧٠. وهذه الحالة في الواقع، حجة على الفرنسيين أنفسهم. واستغرب ذلك الفرنسي من أن كتب الأطباء العرب التي سيطرت على المدارس الأوروبية إلى منتصف القرن السادس عشر أصبحت مجهولة عند أحفادهم (١). وهو تعليق يذكرنا بتعليق الدكتور شو عن الجزائريين في القرن الثامن عشر.
ومن الأطباء الشعبيين من حذق عملية ثقب الجمجمة، ومن يعرفون كيف ينزعون الأسنان بحذق ويمارسون الحجامة، ويقومون بختان أحفادهم وأبناء العشيرة، ولهم طرقهم الخاصة وآلاتهم التي تجبر الأعضاء المكسورة. وقد وصف الدكتور بيرتوراند Bertherand ذلك في تأليفه السابق، فقال:(إن لعرب الجزائر اليوم عددا أكبر من الأطباء، أو بالأحرى عدد أمن الأفراد الذين يمارسون فن العلاج الطبي، ويمكن تقسيم هؤلاء إلى قسمين، حسب درجة تعلمهم: أولئك الذين يمارسون فن العلاج الطبي، ويمكن تقسيم هؤلاء إلى قسمين، حسب درجة تعلمهم: أولئك الذين يمارسون الطب التقليدي (الأطباء)، وأولئك الذين يجمعون إلى معرفة الطب معرفة أخرى واسعة في العلم والدراسة. ولهم أيضا قدرة على الكتابة عن الأدوية، وهؤلاء هم (الحكماء) أو الأطباء العلماء. وهناك صنف ثالث في نظره، وهم المداوون أو الأطباء الذين يسهرون على عملية جراحية داخلية. وصفة (المداوي) هنا
(١) الضابط فيون VILLONT (دراسات جزائرية) في مجلة (روكاي) ١٨٧٠، ص ٤٧٨.