وجمع المعلومات عنها بنفسه. وبناء عليه فإنه، رغم انشار فن السحر والشعوذة، في المنطقة، فإن هناك أيضا علم الطب والجراحة الحقيقي الذي يقوم به بعض الأطباء على أساس مدروس وموروث. وقال سيمسون إن الناس قد يتخيلون أن الأوراسيين يمارسون السحر والطلاسم والحروز عند المرض والعطب، ولكنهم سيكتشفون أن فنون الطب التي كانت موجودة في العصور الوسطى (العصر الذهبي عند العرب والمسلمين) ما تزال موجودة في قرى الأوراس وفي خيام الصحراء القريبة منه.
وقد كان الفرنسيون قد علموا بهذه الأنواع من العلاج منذ أمد طويل، إذ أن كل شخص في الأوراس يحمل أثرا للجراحة يدل على أنه قد خضع لهذه المعالجة. وأصدر الفرنسيون قانونا يجعل من يتسبب في موت من يعالجه بهذه الطريقة مسؤولا على حياته ويخضع للعقاب. وذلك هو سبب السرية المتناهية، والتخفي عند ممارسة العمليات الجراحية المذكورة، تفاديا للعقوبة إذا حصلت الوفاة، وابتعادا عن طلب المؤهلات من الفرنسيين في المداواة. وقد أصبح أولئك الأطباء المحليون يكرهون الفرنسيين بل ويعتقدون أنهم لا يعرفون مهنة العلاج. ومن جهة أخرى فهم يخشون بوار صنعتهم لأن المواطن إذا علم أن الفرنسيين فتحوا عيادات قريبة فإنه قد يذهب إليها ويتركهم. فكان الجراح الشاوي (الأوراسي) إذن يلجأ إلى إخفاء طريقته في العلاج، ويستنقص الطريقة الفرنسية في ذلك ويتهمهم بالجهل إلا في حالات لا يفعلها المسلم مثل بتر الفخذ والأعضاء. ولذلك فإن السائح أو المسافر العادي لا يمكنه، في دعوى السيد سيمسون، أن يطلع على الأعمال الجراحية في منطقة الشاوية ولا يمكنه التعرف على وسائلهم وآلاتهم التي لا توجد قبل ١٩١٤ حتى في المتاحف.
ويبدو أن في هذا الادعاء شيئا من المبالغة لتبرير ما سينشره سيمسون بالصور والوصف للعمليات الجراحية في الأوراس. ومهما كان الأمر فقد بدأ مساعيه للاطلاع والتعرف على طريقتهم في ذلك. وقد تنكر في زي جوال لا يعرف من الطب إلا قليلا. وقام هو ومن معه بإعداد لوازم الاسعافات وحمل