الناصحون بالتوجه إلى المرابطين لعلاجها. وقد ذكر الكاتب بعض هؤلاء المرابطين والأماكن الخاصة بطلب العلاج. ففي تلمسان قبة بناحية الوريط تسمى (قبة سيدي محمد بن يعقوب)، ويشاع أن هذا الولي كان يبرئ من أمراض العين، ووجد على القبر شجرة زيتون من أكل من حبوبها شفي من عينيه. أما المرابط سيدي بوراس، حول تلمسان أيضا، فقد شاع عنه العلاج من الصداع. وتذهب الأسطورة إلى أن على المريض أن يطبخ رأس كبش في بيته ثم يحمله معه ويأكله في قبة الشيخ المذكور ويترك العظام حيث أكل. وفي قبة سيدي القيسي يتداوى المرضى من الحمى. وهذه القبة توجد على مقربة من ضريح سيدي ابن مدين الغوث. والمطلوب من المريض أن يذهب إليها ثلاثة أيام متوالية، لكن قبل شروق الشمس أو بعد غروبها، وعليه أيضا أن يحرك الأوراق المتساقطة على قبة الشيخ. وهناك أولياء آخرون يمتاز كل منهم بمداواة مرض من الأمراض، فقد اختصر سيدي الأنجاصي مثلا بمداواة المغص عند الأطفال، وسيدي الداودي بن ناصر في (أغادير) بالمداواة من العقم (١).
وفي الصحراء وغيرها عقائد مشابهة في المداواة، عن طريق السحر وما يشبهه. فلو ذهبت إلى بلاد سوف أو ميزاب أو توات، أو تنقلت في نواحي العاصمة وزواوة لوجدت عشرات القصص والأسماء وطرق العلاج الشعبي المبني على الخرافات شبيهة بما وصف الميلي وأبو بكر. والغريب أن بعض ذلك مرده في الأساس إلى الطب النبوي ولكن بعد تحريفه عن أصله. ولا سبيل إلى استقصاء النماذج من كل جهة، لأن الأمراض تكاد تكون واحدة، وطرق العلاج الخرافي متشابهة.
(١) أبو بكر عبد السلام بن شعيب (المرابطون المداوون) في (المجلة الإفريقية)، ١٩٠٧ ص ٢٥٠? ٢٥٥. يجب التنبيه إلى أن كلمة (مرابطين) هنا مستعملة في معنى شعبي عام. وأصلها - كما عرفنا في فصول أخرى - أن المرابط يعني العالم المجاهد وليس الدرويش والخرافي. ولكن مع الزمن أصبح كل خرافي (مرابطا)، وهو من الاستعمالات الفرنسية للتنفير من المجاهدين والعلماء والأشراف الذين تولوا المقاومة.