بعض الصعوبات في البداية، إذ كان زميله أحمد بوضربة (محامي) هو صاحب الصيت الذائع عندئذ. وكان مثله متجنسا ومتزوجا من فرنسية وماسونيا. وكان بوضربة من أنصار العلمانية، فكان ينكر على المسلمين تمسكهم بالتعليم الديني. وفشل ابن التهامي في الانتخابات البلدية سنة ١٩٠٤، ولكنه، وقد نجح في الدكتوراه، أصبح سنة ١٩٠٨ مستشارا بلديا، وأعيد انتخابه سنة ١٩١٣، ونشط في الجمعية الرشيدية أيضا. وفي أبريل ١٩١٤ أنشأ مع زملائه تنظيما سماه (الاتحاد الفرنسي - الأهلي) وهو التنظيم الذي سيذكرنا به (التجمع الفرنسي? الإسلامي) الذي أنشأه ابن جلول سنة ١٩٣٨. وكان (الاتحاد) تنظيما سياسيا يمثل الاندماجيين. ولعلهم أحسوا بضعفهم أمام الجماهير فانضموا للأمير خالد، رغم أن هذا لم يكن نشيطا سياسيا بعد. ولم يظهر اسم خالد إلا نادرا عندئذ، منها سنة ١٩٠٣ عند زيارة الشيخ عبده التي اعتذر عن حضورها، وسنة ١٩١٣ حين دعي إلى المؤتمر العربي في باريس، فاعتذر أيضا عن الحضور وأرسل برقية موافقة على خط المؤتمر. ويذهب أجرون إلى أن جماعة ابن التهامي قد انضموا للأمير خالد لأن بقية الأعيان والقادة كانوا يعتبرونهم طموحين ومرتدين (١).
وقد سبق القول إلى أن ابن التهامي قد عاش فترة ما بين الحربين، وساهم في الحياة السياسية كما كان، وعارض الأمير خالد. وأنشأ جريدة (التقدم) خلال العشرينات. وشايع التيارات السياسية اليمينية الفرنسية. وكاد يحدث له ما حدث لمعاصره ابن جلول، أي الصعود إلى القيادة ثم السقوط إلى الهوة، وإذا كان ذلك مقبولا لدى السياسيين المحترفين، فإننا لا ندري كيف يكون الحال إذا حدث لطبيبين في مجتمع متخلف. وقد ظلت السياسة تحطم الأطباء والصيادلة في الحركة الوطنية، مرورا بالحكيم سعدان،
(١) أجرون (الجزائريون المسلمون) ٢/ ١٠٤١، ١٠٥٠. انظر مجلة العالم الإسلامي، نوفمبر/ ديسمبر ١٩٠٧، ص ٤٩٦ - ٤٩٧. ففيها كلمة كتبها إسماعيل حامد عن ابن التهامي. وتوجد صورة ابن التهامي في هذا المصدر أيضا. وهو أول (أهلي) عين للتدريس في مدرسة الطب بالجزائر.