إلى الجزائر في تاريخ مجهول أيضا، وربما هو منتصف العشرينات. واشتهر بعلم الفلك وهو بمصر، كما ذكرنا، ولما رجع إلى بلاده انطلق كغيره من العلماء في دروس الإصلاح والكتابة الصحفية. ولكنه لم يكن مثل ابن باديس ولا العقبي ولا الإبراهيمي في التوجه إلى الجمهور العريض. وقد قصد التعليم بالزوايا، وكان في أول أمره من أنصار الحركة الإصلاحية وساهم في تأسيس جمعية العلماء (سنة ١٩٣١). وفي اجتماع السنة الموالية تزعم الحافظي التيار المحافظ الذي أراد أن تكون جمعية العلماء صورة أخرى من جمعية الطرق الصوفية والزوايا، التي تحركها الإدارة الفرنسية. وربما كان الحافظي آلة فقط في ذلك الصراع بين أنصار الإصلاح والتحرر وبين أنصار الانتماء الطرقي والتبعية.
وعندما فشل ذلك التيار المحافظ وانتصر تيار ابن باديس وزملائه، أسس الحافظي وأنصاره جمعية موازية باسم (جمعية علماء السنة) سنة ١٩٣٢، ودام على رئاستها حوالي سنتين، ثم فشل المشروع كله لأسباب نجهلها الآن. وبقيت في الساحة جمعية العلماء الأصلية، وكان الحافظي قد كسبته بعض الزوايا مثل زاوية عمر بن الحملاوي. وعند افتتاح المعهد الكتاني سنة ١٩٤٧ كان الحافظي هو رئيسه الشرفي. وكان الحافظي قد نافس ابن باديس وعارض العقبي، وتحالف مع عاشور الخنقي. وخلال وجود الحافظي في الحركة الإصلاحية كتب مقالات طويلة في شؤون الاجتماع والدين والأخلاق والفلك في الصحف. وقد عاش إلى ٣ فبراير ١٩٤٨، ومع ذلك كان إنتاجه قليلا ومساهمته أقل من اسمه وعلمه. ولا ندري سبب الأفول الذي حل به أثناء حياته. ولعل تردده بين الإصلاح وعدمه أو بين الإصلاح التحرري المتسيس والإصلاح الطرقي الراكد، هو الذي كان وراء أفوله. وما تزال آثاره غير مجموعة (١).
(١) جاء في مراسلة من محمد الصالح الصديق إلى علي أمقران السحنوني ٦ نوفمبر ١٩٩٤، (وقد حصلت على نسخة منها) أن لجنة جمع آثار العلماء قد انتهت من آثار ابن باديس، وبدأت في جمع آثار الحافظي ثم أبي يعلي الزواوي. واللجنة المذكورة =