للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأطفال في هذه المرحلة يستعملون الورق للكتابة.

ويذهب التلاميذ إلى الكتاب مرتين في اليوم، صباحا ومساء، وفي كل مرة يبقون في الكتاب حوالي ساعتين. وقد جرت العادة أن الجلسة الصباحية هي المهمة لأن الاستظهار والمحو والكتابة من جديد تتم خلالها. فالتلميذ يغدو صباحا عند طلوع الشمس صافي الذهن فيأخذ لوحته ويقرأ فيها بعض الوقت ويستظهر درسه بنفسه أو بمعاونة زميله، فإذا وثق من أنه قد حفظ الدرس تقدم من المؤدب واستظهره (أو عرضه كما يقال في بعض الجهات) عليه، فإذا شعر المؤدب أن التلميذ قد تمكن من الحفظ أذن له بمحوه، ويذهب الأطفال الواحد بعد الآخر لمحو ألواحهم وتجفيفها في الشمس والهواء أو عند المدفأة، ثم يعودون بها مصقولة جافة ويجلسون بالقرب من المؤدب في غير نظام ويكتبون آخر الآية الموجودة في درس الأمس كبداية للدرس الجديد، ثم يستملون المؤدب بالنطق بتلك الآية بصوت عال فيكمل هو ويواصل الإملاء تلقائيا إلى أن يشير على التلميذ بالتوقف عندما يدرك أن ما كتبه يكفيه بناء على مستواه وسنه، وأحيانا يتوقف التلميذ نفسه عندما يأتي بالكتابة على آخر اللوحة، وعندما ينتهي التلميذ من مرحلة الإملاء يتراجع ويأخذ مكانه في الحلقة ويشرع في قراءة الدرس القديم. فإذا انتهى الجميع من الكتابة تحلقوا حول المؤدب، يكون الوقت الصباحي قد أوشك على الانقضاء ثم يبقى التلاميذ في انتظار الإشارة من المؤدب بالسراح، وذلك بضرب الحائط بالعصا مرتين أو ثلاثا. أما جلسة المساء فهي في الغالب بالحفظ بالطريقة التي وصفناها، في الدرس القديم استعدادا لاستظهاره ومحوه في صباح اليوم التالي، وهكذا. أما العطلة فقد كانت يومي الاثنين والجمعة.

وأخف أنواع العقوبة على التلميذ في هذه المرحلة هو التأنيب بالكلام وأقساها تسليط (الفلاقة) عليه، فالمؤدب قد يؤنب الطفل بكلمات جافة أو ينهره بقوة، وقد يضربه بعصاه على أصابع يده أو حتى على رأسه، وقد يكون المؤدب غير متوازن فيضرب التلميذ ضربا مبرحا أو عشوائيا فيرمي العصا في وجهه فيفقده عينا أو سنا أو نحو ذلك، وأغلب الآباء كانوا يرضون بتصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>