للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعده بقليل محمد بن الأمير عبد القادر الذي أرخ للجزائر بصورة سريعة في مختلف العهود ثم تاريخها منذ الاحتلال وبالأخص أثناء مقاومة والده الطويلة. وكلا الكتابين يؤرخ للجزائر باعتبارها امتدادا في التاريخ عبر العصور المختلفة، خلافا لمعظم مؤرخي القرن التاسع عشر المحليين من الاكتفاء بناحية أو قبيلة أو مدينة، وبشكل مقطوع عن الماضي الجماعي.

ولنذكر الآن بعض التعاريف للتاريخ. والواقع أن المشرفي قد عرف بفضل التاريخ ونوه به في صفحات عديدة من كتابه (الحسام المشرفي لقطع لسان الجعرفي) إذ خصص قرابة أربع عشرة صفحة منه لهذه المسألة (ص ٢٦ - ٤٢). وفي الجزء الأول من (ذخيرة الأواخر والأول) مقدمة عرف فيها أيضا بالتاريخ رغم أنه ابتدأ الكتاب من آدم. وفي آخر الجزء الثاني منه خاتمة ضمنت الحديث عن أهمية علم التاريخ.

وحين قرظ محمد بن عبد الرحمن الديسي كتاب (تعريف الخلف) للحفناوي عرف التاريخ بأنه (الفن الجليل، المعظم في كل أمة وقبيل، الذي لولاه ما عرفت سير الملوك والعظماء، ولا حفظت تراجم العلماء والحكماء). وهو تعريف واسع يجعل التاريخ جامعا للسياسة والتراجم.

وبعد أن أورد الشيخ عبد الرحمن الجيلالي طائفة من أقوال العلماء في تعريف التاريخ وأهميته، وهم من الشرق والغرب، قال عن التاريخ في المصطلح بأنه (علم تعرف به أحوال الماضين من الأمم الخالية، من حيث معيشتهم وسيرتهم ولغتهم وعاداتهم، ونظمهم وسياستهم واعتقادهم وآدابهم حتى يتم بذلك معرفة أسباب الرقي والانحطاط في كل أمة وجيل). وجاء الجيلالي بما يشترط في المؤرخ أيضا، وهو في نظره (العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات واختلاف الأمم والبقاع والأعصار ... والإحاطة بالحاضر من ذلك ومماثلة بينه وبين الغائب ... وتعليل المتفق منه والمختلف) (١). وهو تعريف رغم استناده إلى مبادئ ابن خلدون في التاريخ


(١) عبد الرحمن الجيلالي (تاريخ الجزائر العام) ط. ٢ مزيدة، ١٩٦٥، ١/ ٢٣، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>