للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الروماني). وقالت جريدة (البصائر) التي نشرت الخبر عندئذ إنه اختار موضوعا يمثل العلاقة المتينة بين الطالب وتاريخه، لأن ذلك يظهر سيرة السلف الصالح الذي قام بواجب الجهاد ضد الاستعمار الغشوم. ولا شك أن ذلك إسقاط للماضي على الحاضر. وقد تحدث الشريف ساحلي عن (الأمة المغربية) - المغاربية - ورد على كل من كان ينفي وجود شعور وطني مغاربي، وأثبت وجود الوطنية المغاربية بحديثه عن يوغرطة وباكوس (١).

ويجب ألا يفهم من حديثنا هذا أن تطور مفهوم التاريخ كان من جهة الوطنية والمذهب السياسي فقط، فنحن نتحدث عن ظاهرة عامة في الواقع، تشمل استخدام المراجع بطريقة نقدية وتصنيفية، واستخدام المراجع الأوروبية والرد على بعضها، ونقد المراجع العربية القديمة، والرجوع إلى المخطوطات والوثائق، والنقوش والآثار ومقابلة الآراء ببعضها، وقبول الحكم إذا كان صادقا ولازما ولو كان ضد النفس، بالإضافة إلى تقنيات البحث الجديدة من تعاليق وفهرسة وتبويب وصور وإحصاءات. فكل ذلك يدخل في ظاهرة التطور المشار إليها.

وقد عانى التاريخ من ضعف شديد لم يكن ذاتيا، ولكنه أثر عليه مع ذلك. ونلخص جوانب الضعف فيما يلي:

١ - تغييب تدريس التاريخ الجزائري والإسلامي في المدارس الرسمية، مما تسبب في انقطاع المتعلم عن المراجع والبحوث والآراء حول الكتابة التاريخية. ومنذ ١٨٨٠ أجبر بعض التلاميذ على دراسة تاريخ وجغرافية فرنسا فقط، وكان هؤلاء التلاميذ، وكذلك زملاؤهم في المدارس الابتدائية يرددون مع التلاميذ الفرنسيين أن أصول الجزائريين فرنسية (بلاد الغال). أما في الزوايا التي بقيت مفتوحة في العهد الاستعماري فلم يسمح فيها بتدريس التاريخ الإسلامي ولا الجزائري ولا السيرة النبوية والغزوات.


(١) البصائر عدد ١٠٦، ٢ إبريل ١٩٣٨. وكانت المحاضرة بتاريخ ١٤ فبراير من نفس العام.

<<  <  ج: ص:  >  >>