للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزواوي في (تاريخ الزواوة) قد عدل عن رأيه فيهم في مشروعه المذكور (سنة ١٩١٢) إذ اعتبرهم عندئذ من الجنس الآري، كما كان شائعا في الأدبيات الفرنسية. فهل أثر عليه في ذلك الشيخ طاهر الجزائري بعد لقائه به في القاهرة؟ أو اقتنع هو بعد البحث وأدرك المخطط السياسي الفرنسي؟.

ومهما كان الأمر، فإن الزواوي قد ساق عدة آراء في أصل الزواوة، ومنها رأي الشيخ طاهر، وكان ذلك سنة ١٩١٥ حين لقائهما في مصر. فقد أخبره الشيخ طاهر أن الزواوة تمتد مواطنهم من طرابلس الغرب إلى قصور كتامة بالمغرب الأقصى. وحين عارضه الزواوي بأن الزواوة في الواقع المشاهد هم (سكان جرجرة اليوم)، أجابه الشيخ طاهر بأن ذلك غير صحيح لأن (العرب لما احتلوا افريقية اختلطوا بهم، والحال أنهم (أي الزواوة) عرب الأصل من اليمن، من شعوب حمير، ولغة حمير غير لغة مضر ...) (١) وأضاف الزواوي أن قبائل الزواوة كثيرة، وأن مواطنها بين خليج الجزائر إلى بجاية، وهي إحدى عواصم الزواوة، ثم إلى جيجل. (نصف دائرة، فهؤلاء هم المعروفون والمشهورون بالزواوة).

وقد أوضح الزواوي أنه قضى في البحث عشر سنوات عن أصل الزواوة ونسبهم لكي يجيب على ما إذا كانوا عربا أو بربرا. وهذه هي نتائج بحثه، كما قال. وقد رجع إلى من كتب قبل ابن خلدون وإلى من كتب بعده، مشارقة ومغاربة. ثم رجح الاعتماد على ابن خلدون في نسب الزواوة لعدة اعتبارات منها: أن ابن خلدون مغربي - أندلسي - يمني، وأنه درس في بجاية، وأنه جاء إلى زواوة مبعوثا من قبل أحد السلاطين، وأنه عمل حاجبا لأبي عنان المريني، وأن أحد أساتذته زواوي. وهكذا يصبح ابن خلدون أكثر علما بأهل زواوة من غيره وهو لذلك (أحق الشهادة عليهم، مع أدلة أخرى وبراهين قاطعة).

ومن أقوال ابن خلدون في ذلك أن كتامة وصنهاجة من شعوب اليمن،


(١) الزواوي (تاريخ الزواوة)، ص ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>