للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء بعزل أحمد بن المبارك عن الفتوى، وهكذا بقي مدة بدون وظيف عقابا له، وفي أوائل الخمسينات وجدناه مدرسا في المدرسة الرسمية، كما ذكرنا.

ويذهب دورنون إلى أن الشيخ ابن المبارك قد اغتنم فرصة العزل وقام بكتابة رسائل وكتب لا تعرف أعدادها ولا أحجامها ولا موضوعاتها. منها: شرح الجوهر المكنون للأخضري، وهو في البلاغة وفنونها (البيان والمعاني والبديع)، ومنها (سلم الوصول) الذي ذكرناه في أول هذا الفصل، والجوهرة الثمينة، ولعله هو تاريخ قسنطينة لأن عادة السجع تقتضي ذلك، ولأن المستشرق شيربونو الذي ذكر الكتاب بذلك العنوان قد نقل عنه، بعد أن استعاره منه، نصوصا حول حصون قسنطينة وأحداثها مع تونس (١). وهذا يصدق على تاريخ قسنطينة الذي لم يذكر له دورنون ولا نور الدين عنوانا يتلائم مع عناوين التآليف العربية التقليدية. ولابن المبارك أيضا. قصائد في الرثاء مثل التي قالها في شيخه أحمد العباسي.

وقد أشرنا إلى أن ابن المبارك كان من أتباع الحنصالية، وهي طريقة مسالمة للفرنسيين قياسا، على غيرها. وكان مؤسسها في نواحي قسنطينة هو الشيخ أحمد الزواوي، أما أصلها ففي المغرب الأقصى. وقد أصبح الحاج ابن المبارك هو شيخ الحنصالية أيضا في قسنطينة (٢). ونجده قد وضع سلسلة لها تربطها بأصلها وفروع الطريقة الأخرى وتسندها. وقد توفي الشيخ ابن المبارك سنة ١٨٧٠ (١٢٨٧) في قسنطينة. ولعل الشاعر عاشور الخنقي من الذين رثوه (٣). ومما سبق تعرف أن الشيخ ابن المبارك لم يكن مؤرخا بالمعنى الدقيق للكلمة، بل ليس له إحساس بالتاريخ كالذي نجده عند زميله


(١) شيربونو (المجلة الشرقية والجزائرية)، عدد ١٣ سنة ١٨٥٣، ص ٣١١ - ٣٢٧، وعنوان بحث شيربونو هو (آثار قسنطينة).
(٢) عن هذه الطريقة انظر فصل الطرق الصوفية.
(٣) يقول دورنون إن الشاعر العاشور (كذا) قد سجل تاريخ وفاة الشيخ أحمد بن المبارك. وكان عاشور الخنقي يعيش عندئذ (١٨٧٠) في قسنطينة. ولكننا لم نجد في (منار الإشراف) إشارة إلى ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>