مدرسة تلمسان. وبناء على دورنون فإن أحمد بن المبارك من مواليد قسنطينة سنة ١٧٩٠، وكان أصله من ميلة حيث أجداده وأخواله آل العطار. ولذلك نجده قد تربى في ميلة وأخذ بها مبادئ العلوم في زاوية العائلة حيث الطريقة الحنصالية. ولما رجع إلى قسنطينة واصل دراسته على علماء الوقت، وهم: عمار الغربي (جامع القصبة)، وعمار الميلي (جامع رحبة الصوف) ومحمد العربي بن عيسى (ناظر المدرسة الكتانية) قاضي البلاد في عهد الحاج أحمد، والقاضي أحمد العباسي الذي يضرب المثل بعلمه. ثم اشتغل ابن المبارك أيضا بالتجارة، وكانت هذه الحرفة تحمله إلى تونس حيث كان يشتري العمائم والحرير والعطور وغيرها ويبيعها في قسنطينة، وأثناء وجوده في تونس كان يحضر بعض دروس علماء الزيتونة، وهو تقليد سار عليه علماء الشرق الجزائري منذ القديم، وكانت دروس التوحيد هي المفضلة عنده. وقد حملته رجلاه في إحدى السفرات إلى الحج أيضا.
وفي سنة ١٨٣٥ (أي قبل احتلال قسنطينة) توفي الشيخ العباسي، فعين أحمد بن المبارك مكانه مدرسا بالجامع الكبير، وأخذت شهرته تزداد بين الناس، وصادف ذلك خلو منصب الفتوى بعزل أو وفاة الشيخ المفتي محمد العنابي صاحب كتاب (كشف البضائع). ويغلب على الظن أن ذلك كان بعد احتلال المدينة بقليل، رغم أن دورنون لا يذكر التواريخ إلا نادرا. كما عين أحمد بن المبارك في عدة وظائف أخرى على يد السلطة الفرنسية، منها مساعد في المجلس الشرعي بقسظينة الذي كان يبت في أحكام القضاة، ومنها مدرس في المدرسة الرسمية (عربية - فرنسية) الي أسسها الفرنسيون منذ ١٨٥٠ والتي كان مديرها محمد الشاذلي، وجد استسلام الحاج أحمد، الباي السابق، سنة ١٨٤٨، جاءت السلطات الفرنسية بهذا الباي إلى قسنطينة قبل نقله إلى العاصمة عن طريق البحر. وفى تلك الأثناء اتصل به أحمد بن المبارك اتصالا يبدو أنه غير سياسي، ولكن الفرنسيين جعلوا من نزول الباي في المدينة مصيدة للمشبوهين في نظرهم، وهم أولئك الذين ما يزالون على ولائهم للباي أو يتعاطفون معه، ويقتضي ذلك معاداة الفرنسيين طبعا. فقام