للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد أقدم على عمله بطلب من أحد الفرنسيين، ويغلب على الظن أنه هو نفس الضابط بواسوني الذي سبق ذكره مع العنتري.

وخلافا للعنتري، فإن أحمد بن المبارك لم يجد، كما قال، الوثائق والمراجع التي يعتمد عليها. فاعتمد على الروايات الشفوية. ويقول نور الدين عبد القادر، انه لم يذكر سوى ابن أبي دينار القيرواني، صاحب (المؤنس)، ولكنه قد يكون اعتمد على مراجع أخرى لم يذكرها. والمعروف أن البكري والإدريسي وليون الإفريقي (الحسن الوزان) وغيرهم قد وصفوا قسنطينة. ولم يهتم ابن المبارك بحياة العلماء والدين والطرق الصوفية والأدب، ولعل بواسوني هو الذي خطط له الكتاب وطلب منه أن يسجل فقط أخبار الفتن والحكام الذين أحسنوا الحكم أو ظلوا. وهذا هو المهم للفرنسيين في ذلك الوقت، وربما كان ذلك هو ما يفسر استعمال ابن المبارك لعبارة (هذا زمان القبطان بوسنة)، وهو بواسوني، الذي أذاعت السلطات الفرنسية عنه على لسان العامة أن زمنه (أي ولايته على المكتب العربي الحاكم في قسنطينة) كان زمان أمن ورخاء (١).

وقد أخذ نورالدين عبد القادر ترجمة أحمد بن المبارك عن ألفريد دورنون. فقد كان هذا مديرا لمدرسة قسنطينة الرسمية، وهو من المستشرقين الذين تكونوا ربما على رينيه باصيه، وكان معتدلا في آرائه، سيما في أحكامه على المدرسين الجزائريين في ولاية قسنطينة، الذين كان عليه أن يفتشهم بحكم وظيفه كمدير للمدرسة المذكورة (٢)، خلافا لمعاصره ألفريد بيل، مدير


(١) العبارة العامية الشائعة عندئذ هي (هذا زمان القبطان بوسنة، كول كسيرتك وتهنة). وهي من دعاية الاستعمار، مثل عبارة (عدم التدخل في السياسة). وقد نشر الكتاب لأول مرة، حسب علمنا، نور الدين عبد القادر، سنة ١٩٥٢، ثم أعاد نشره رابح بونار، بعد تحقيق وتعاليق، أوائل السبعينات.
(٢) عن دورنون انظر (مذكرات) مالك بن نبي الذي كان طالبا في المدرسة التي كان دورنون يديرها. ولإبن نبي رأي صريح فيه إذ جعله من أساطين الاستعمار وعيون الإدارة الأهلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>