للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منسوبا إلى أبي راس (١). ولا نظن أن الزياني قد عاش حتى أدرك هذه الثورة.

والنص الذي أورده كريستلو من هذا التأليف يتلخص في عدة نقاط: أن النكبات والعذاب سيحل بالبلاد، وسيعم الظلام بدل النهار، وستحدث غرائب في العصر. وسينخفض المرتفعون ويعلو المنخفضون. وستحل نقمة الله السريعة بالطغاة، وليس هناك مفر من هذا العقاب. إن بعض العلماء قد سخروا أنفسهم لخدمة الجهلة والأغنياء، وأصبح أبناء الفضلاء يخدمون العالم المسيحي، مظهرين حبهم لهم، باستعدادات عظيمة، ويقول: يا إلهي إن الصالحين قد اختفوا! وقد رأى كريستلو أن في النص استنكارا لما آل إليه أمر النخبة الجزائرية والعلماء المسخرين وأولئك الطموحين من المستغربين الشباب الذين رموا بأنفسهم في عربة التوسع الامبريالي الفرنسي منذ ١٩٠٠، راضين بالتنازل عن القدر المحترم من المعاش والحد الأدنى من الاحترام الثقافي.

أما عن العنوان فهو عند كريستلو (الأخبار ذات التأسيس فيما يقع بين المسلمين والفرنسيس) وذات التأسيس هنا تعني ربما الأخبار الصادقة، ونعلم أيضا أن (الأخبار ذات التأسيس) كان متداولا منذ نهاية القرن الماضي، وأن المتعلمين كانوا يضيفون إليه عند المناسبات والأحداث، وكانوا أيضا يضيفون إليه أسماء أشخاص. فلم تأت سنة ١٩١٧ حتى كثرت نسخه واختلفت عن بعضها، بل كان فيه الحذف أحيانا. ويبدو أن مخطوطات أخرى قد وجدت في ناحية وهران على نمط هذه (الأخبار)، وكانت هي أيضا تخضع للزيادة والنقصان، بمرور الزمن. ومن ثمة خاف الفرنسيون من انتشار العدوى السياسية. وعلى هذا يكون أقوال التأسيس أو الأخبار ذات التأسيس عبارة عن منشور سياسي جمع بين الطريقة التقليدية وهي التنبؤ، والطريقة الجديدة وهي الحديث عن الوقائع بأسلوب إعلامي مثير. ولعل الزياني (أو غيره) قد كتبه أيام الحرب على القضاة التي جرت في الثمانينات من القرن الماضي، وكانت الشريعة


(١) كريستلو (المحاكم)، ص ٢٦٠ - ٢٦١، عن الأرشيف الفرنسي ١٦ H ٩. وقعت ثورة بني شقران سنة ١٩١٤ وليس ١٩١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>