للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية من ضحايا تلك الحرب إذ نجح الفرنسيون في تجريد القضاء الإسلامي من نفوذه إلا في الأحوال الشخصية كما عرفنا.

ويرى المهدي البوعبدلي أن أقوال التأسيس من عمل الزياني، كما ذكرنا، وأنه إنما نسبه لأبي راس للتقية فقط. وكان البوعبدلي يملك نسختين منه. وقد أكد له الشيخ الطيب زدور، أحد فقهاء وهران والذي كان والده على صلة شخصية بالزياني، أن (الأقوال) من تأليف الزياني. وقال إن الحكومة الفرنسية شددت في التفتيش عن نسخه سيما خلال الحرب العالمية الأولى. (ومزقت من أجل ذلك خزائن وأتلفتها). ولكن الكتاب، مع ذلك، بقي متداولا بين متعلمي وهران. ولم يذكر البوعبدلي الفرق ين النسختين اللتين كانتا في حوزته، وإنما قال إن إحداهما كتبها صاحبها (أي الناسخ) بخطوط مختلفة، سنة ١٢٦٢. وهذا التاريخ مبكر جدا للأحداث التي ذكرها كريستلو، فلا بد أن بعضهم قد أضاف إليه ثورة بني شقران وغيرها. أما النسخة الأخرى فيقول البوعبدلي إنها تقع في كراسة خاصة. ويبدو أن أقوال التأسيس قد انتشر في الجزائر ووصل إلى زواوة وغيرها (١).

وقد لاحظ البوعبدلي أيضا اختلاف النسخ في تفاصيل الأحداث، ولكنه قال إن الجوهر واحد. واعتبر هذه الرسالة، كما سماها، شبه مذكرات عن فترة الاحتلال الأولى وإنما صاغها الزياني في شكل تنبؤات وليس سردا تاريخيا، رغم أن الأحداث في الواقع تاريخية ومعروفة. خذ مثلا تجهيز الحملة الفرنسية ونزولها في سيدي فرج وما حدث مع الباشا حسين، واحتلال وهران بعد احتلال متيجة، ومبايعة الأمير وحروبه الطويلة وما وقع من الغارات والغزوات، إن هذه كلها وقائع وليست خيالا. ونلاحظ أن الزياني كان في برج المخفى، وكان المخفى من الذين عاقبهم الأمير، ولذلك نحس أن الزياني اتهم الأمير بقتل العلماء وأهل الدين، مما تسبب في هزيمته، في نظره. كما تعرض الزيانى (أو غيره) فى هذا الكتاب الصغير والخطير إلى


(١) البوعبدلي، رسالة خاصة في ١٠ أكتوبر، ١٩٧٩. ووصلتني منه أيضا رسالة أخرى فى ٢٣ مارس ١٩٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>