للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشرنا، ومنها انقطاع الطالب عن الدراسة لظروف خارجة عن إرادته، وكذلك انتهاء الأستاذ من المادة التي يدرسها ورغبة الطالب في متابعة دروسه في مستويات أخرى قد تكون خارج الجزائر. وكثير من الطلاب كانوا لا يصلون بدراستهم إلى نهايتها. ذلك أن البرنامج نفسه، كما أشرنا، غير محدد، ومن جهة أخرى فليس كل الطلاب في الدرس الواحد كانوا في مستوى واحد من العلم. فليس هناك تدرج محكم في التعليم يراعي مستوى الطلبة وقواهم العقلية، فقد يحضر في الدرس، الصغير مع الكبير والذكي مع الغبي والذي قضى فترة في التلقي مع الذي جاء لتوه. كما أن هذا النوع من التعليم لا ينتهي بشهادة أو نحوها، وأقصى ما يطمح إليه الطالب المجتهد والطموح هو حصوله على إجازة شفوية من أستاذه. وهي تسريحه ورضاه عنه.

وقد كانت الإجازة المكتوبة في البداية محددة ومقننة، فلا يعطاها أي طالب. ولكن بتوالي الزمن وضعف التعليم والتعلم وتدهور الحياة العقلية بصفة عامة أصبح منح الإجازات سهلا وشائعا، وكثيرا ما كان يمنح الطالب الإجازة سواء كان يستحقها أو لا يستحقها، أي من جلس للدرس وتتلمذ، ومن كان عابر سبيل، بل أصبحت الإجازة تعطى عن طريق المراسلة دون أن يرى الطالب المدرس أو يأخذ عنه شيئا، وبعد أن كانت الإجازة مقيدة بعلم أو كتاب بعينه أصبحت مطلقة غير مقيدة، وقد اشتهر بعض المدرسين بمنح الإجازات في الجزائر كعلي بن عبد القادر بن الأمين الذي قال عنه تلميذه محمد بن العنابي بأنه (قد أجاز كل من أدرك حياته)، وقد قلده ابن العنابي في ذلك أيضا، وهكذا. ومهما كان الأمر فإن الشهادة أو الإجازة هي آخر علاقة بين الطالب والمدرس، غير أن ولاء الطالب لأستاذه يظل قائما معبرا عليه بعبارة (شيخنا) ونحوها في كتابات الطالب.

ومن الملاحظ أن هناك فرقا في مستوى التعليم بين أساتذة وطلاب الحواضر والبوادي، ذلك أن الأولين، بحكم وفرة الكتب وحركة العلماء

<<  <  ج: ص:  >  >>