وقوادها. فهو جواد من أهل السيف والحرب وليس من أهل العلم والقلم. فما هي حياته؟ إن ترجمته مجهولة إلى اليوم، ورغم أنه ترجم لنفسه في طلوع سعد السعود فإن الصفحات المعنية بذلك (٥٣٨ - ٥٤٥) قد بترت من الكتاب بفعل فاعل، حرصا عليها أو خوفا منها. وكل من تعرض له ولكتابه وجد فقط أن اسمه هو إسماعيل بن عودة المزاري، وأن والده محمد المزاري كان من كبار الزمالة والدوائر وكان آغا في آخر العهد العثماني وبداية العهد الفرنسي، وكان محمد (ابن عودة) المزاري قد حالف الأمير عبد القادر فترة وولاه هذا على قومه، ولكن اتفاق ١٨٣٥ لم يترك له المجال لمواصلة التحالف فانضم إلى عمه مصطفى بن إسماعيل وأصبحا حليفين للفرنسيين (١). أما إسماعيل المزاري فقد تثقف على يد الأسرة الزيانية، ولا سيما محمد بن يوسف صاحب كتاب دليل الحيران. وعاش إلى أواخر القرن الماضي، أي بعد ١٨٩٧، ولكن تاريخ وفاته غير معروف. وهذه العلاقة بينهما - المخزنية والعلم - ستتطور إلى دورها في الكتاب الذي نحن بصدده.
ونسبة الكتاب إليه ما تزال مشكلة بين الباحثين: هل الكتاب كله له أو جزء منه فقط أو ليس له فيه سوى الاسم؟ ويقال إن أول من أثار الضباب حول هذه النسبة هو الضابط مارسيل بودان حوالي ١٩٢٤، وذلك حين تعرض إلى كتاب (الطلوع) ومؤلفه. وخلاصة رأيه أن المزاري كان من رجال المخزن وليس من رجال العلم، وليس له دور في الكتابة والبحث، وإنما استبد على بعض المؤلفين الحقيقيين أمثال شيخه محمد بن يوسف الزياني، مقابل ولاية القضاء وبعض المصالح الدينية. فالكتاب أصلا من تأليف الزياني. ويدل على ذلك أن الزياني قد ترك آخر جزء فى كتابه (دليل الحيران)
(١) في رسالة من يحيى بوعزيز (٢٩ يونيو، ١٩٨٩) أن محمد المزاري استمر في خدمة الفرنسيين إلى تقاعده. ثم ذهب إلى الحجاز وجاور بمكة، ثم رجع إلى الجزائر واستقر فترة بالعاصمة، ثم حل بسهل ملاتة حول وهران، وأخيرا استقر بهذه المدينة إلى وفاته سة ١٨٦٢. وقد ترجم له ابنه في الطلوع ترجمة واسعة وضمنها شجرة النسب العائلي.