والاطلاع على كتابه الذي كتبه من موقع الخبير بالأوضاع والممثل لأهل بلاده، بجلاء الجيش الفرنسي ووقف الاستيطان ووضع حد لمصادرة الأوقاف وتغيير المعالم، وسلوك سياسة جديدة تقوم على الاعتراف بدولة يحكمها جزائري وترتبط مع فرنسا بعلاقات تجارية ممتازة. ولكن حلمه تحطم عندما حكمت اللجنة بعكس ما وقع، بل أوصت بدعم الجيش وتثبيت الإدارة واعتبرت الجزائر بلادا حيوية لفرنسا بعد أن درست موانيها وتجارتها ومواردها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي.
وقد اشتمل كتاب (المرآة) على مقدمة تحدث فيها عن الظلم الذي حل بالجزائريين وقارن بينهم وبين وضع غيرهم في أوروبا. ثم رتبه على كتابين: الكتاب الأول ضم ثلاثة عشر فصلا تناولت حالة البدو (أهل الريف) وأخلاق البربر وعادات سكان السهول وركز بالخصوص على أهل متيجة القريبين من العاصمة. ثم تحدث عن سكان غرب البلاد وعاداتهم وسكان مدينة الجزائر، ووصف الحكومة في العهد العثماني وأصل النظام السياسي والإداري والجيش أثناء حكم الدايات. كما ذكر حال الحاكم والمحكوم (الراعي والرعية)، ولم يغفل سياسة الأرض وأنواع الضرائب والمغارم، وأسباب تدهور الحكم وسقوط النظام في نهاية المطاف. وبعد أن تحدث عن دواخل البلاد، خص الداي حسين ببعض الفقرات.
أما الكتاب الثاني فقد ضم إثني عشر فصلا، وكلها تقريبا عن علاقة الجزائر وفرنسا. وهكذا كان الحديث عن الحملة والنزول في سيدي فرج، والأعمال الفظيعة التي ارتكبت أثناء الاستيلاء على مدينة الجزائر. ثم الحديث عن البايات بعد الاحتلال ولا سيما مصطفى بومزراق باي التيطري، ثم غزوة كلوزيل البليدة والمدية، ومصادرة أوقاف مكة والمدينة، ووصف الأملاك الأوروبية الجديدة، وتقرب اليهود من الفرنسيين. وقد ضم هذا الكتاب ملحقا من عدة وثائق كلها عن النتائج السياسية للاحتلال خلال السنوات الثلاث الأولى. ونعرف منها مجموعة من العرائض التي تقدم بها الأهالي وزعامة حمدان خوجة في اللجنة المعروفة بلجنة المغاربة. وقد أعلن