للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم فتركوه يبلغ مراده. والمدرسة كانت أيضا جامعا، فيه يحفظ التلاميذ القرآن ويتلقون التربية والعلوم الإسلامية والعربية. وكانت المدرسة قد تأسست سنة ١٩٠١. وقد أظهر مبارك الميلي من صغره ونبوغه واستحق عناية أسرة بوصوف فتولت إطعامه والقيام بضروراته، وقد مكنوه من هذه الضرورات حتى بعد التحاقه بالزيتونة في تونس. كما تدخل كبير العائلة، مصطفى بوصوف، فأعفاه من الجندية الإجبارية في الجيش الفرنسي سنة ١٩١٦ إذ دفع عنه مالا، وقد ظل مبارك الميلي في مدرسة الشيخ معنصر بميلة ست سنوات (١٩١٢ - ١٩١٨)، ثم توجه إلى قسنطينة للتعلم على ابن باديس.

ولا ندري متى توجه الميلي إلى تونس لمواصلة دراسته، ولكننا نعرف أنه نال هناك شهادة التطويع (التحصيل)، ثم رجع إلى وطنه. وكانت تونس بعد الحرب العالمية الأولى تعيش حياة سياسية خصبة تتصارع فيها الاتجاهات الوطنية، وكان للصحافة فيها مجال واسع حيث أخبار المشرق والعالم أيضا. ومن جهة أخرى كانت الجزائر خلال العشرينات تعيش حركة نهضة نشيطة يقودها رجلان: الأمير خالد سياسيا وابن باديس دينيا وعلميا. وعندما رجع الميلي إلى الجزائر يبدو أنه عكف على التأليف أكثر من التدريس، رغم أنه كان شابا في الثلاثينات من عمره. فمتى ظهرت له فكرة وضع تأليف في التاريخ؟ هل في تونس وهو يقرأ مؤلفات بالعربية (وكان لا يعرف الفرنسية) تتحدث عن قرطاج والفينقيين وعن مؤلفات فيها أخبار الرومان والفتوحات الإسلامية؟ إنه كان كثير القراءة في كتب التراجم والتراث وكان يصطفي لنفسه من ذلك ما يصلح بميوله وطموحه. ولكن هل


= والقرى المجاورة. وتولى أيضا التدريس في الجامع الكبير هناك. وقسم تلاميذه إلى طبقات، وكان له مساعدون، منهم عبد الرحمن بن الطيب (ت. ١٩٢٥). وكان ابن معنصر من مفسري القرآن في درس عام ابتداء من سنة ١٩١٨. وقد مات مطعونا سنة ١٩٢٨ نتيجة فتوى أفتاها ضد من طلق زوجه ثلاثا. انظر دبوز (أعلام الإصلاح) ٣/ ١٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>