للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال إنه يوجه كتابه إلى من يعتبرون ويتبصرون، ويطلب الرجاء بدل البقاء في اليأس. وكان غرضه الحث على العمل من أجل الوطن وسعادته، وهو كمصلح كان غير يائس ولا منتظر لنتائج عاجلة. ولكنه عبر عن أمانيه (١). وقد أهدى كتابه إلى الشعب الجزائري وشبابه والعاملين من أجله. وعبارة (الشعب الجزائري) نفسها جديدة عندئذ، فهي لا تعني عنده المفهوم الفرنسي الذي يعني المسلمين والأوروبيين ولكنه يعني الجزائريين الذين يسميهم الفرنسيون عندئذ الأهالي أو المسلمين. ولذلك اعتبر عمله (بلاغ للشبيبة عن وطنيتهم)، وقد سبق تعريفه للتاريخ وأهميته للأمم والشعوب. فالميلي يتحدث عن التاريخ الوطني والشعب الجزائري الموحد بالتراث والأرض والحركات السياسية والفكرية الماضية والآمال القادمة، وهو يعتبر الفرنسيين (أجانب) سواء كانوا مدنيين أو عسكريين.

إن الجدة في كتابة الميلي للتاريخ تظهر في عدة أمور، منها المنهج الحديث والتوجيه السياسي، واستعمال المصادر العربية ونقدها، واستعمال المصادر الأجنبية - الفرنسية - عن طريق الترجمة، واستخدام التقنيات مثل الخرائط والرسوم. والرد على نظريات المؤرخين الفرنسيين ومناقشة آرائهم دون إظهار التحيز لذاته. ونبه إلى ضرورة الابتعاد عن كتب الخرافات وتصديق كل ما جاء في الكتب القديمة، ودافع عن كون الإسلام نظاما حضاريا متكاملا، وركز على دور الشعب في التاريخ ولم يهتم كثيرا بالملوك والأعيان. ومن مراجعه الفرنسية (وعددها إثنا عشر مرجعا) بارجيس وقزال وقوتييه وميرسييه ومرمول، وفيرو. كما أنه رجع إلى الكتب العربية الكلاسيكية (وجملتها ٥٦ مرجعا) منها قرطاجنة في أربعة عصور للمدني، والأزهار الرياضية للباروني، وموجز التاريخ العام لعثمان الكعاك. ومن رأيه أن الاستعمار الروماني فشل في بلاد المغرب وكذلك الاستعمار الفرنسي (ولكن هذا الرأي غير معلن). ولكن الميلي لم يستطع أن يتخلص


(١) انظر مقدمة الجزء الأول من تاريخ الجزائر للميلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>