العلم. وقد استفادوا من ذلك في وضع (البطاقات) الخاصة بالعائلات والوظائف، ولكن أغلب تلك التراجم والمناقب قد تلفت أو دخلت في المحفوظات الشخصية.
وبالمقارنة مع العهد العثماني، ظهرت في العهد المدروس الصحافة والوسائل الإعلامية الأخرى. فكانت تنشر التعريف بالأعيان الزائرين والحجاج والموظفين السامين، وتؤبن الموتى منهم وتشيد بعضهم وبخدماتهم. ولكننا لن نعد ذلك ترجمة هنا كما أننا لن نعد المقالات الصحفية التي تعرف بهذا أو ذاك أو ترثيه من باب التراجم والمناقب. فخطتنا إذن لا تشمل سوى المؤلفات ولو كانت صغيرة الحجم.
كما أن عهدنا هذا شهد ظاهرة أخرى وهي كتابة المذكرات حيث يترجم الكاتب لنفسه ويتحدث عن تجاربه الخاصة ومواقفه من وجهة نظره هو، ويبرر ما اتخذه من مواقف وآراء، ولكننا لن نتناول المذكرات في فقرة التراجم والمناقب، ونعد بأن نتناولها في فقرة أخرى خاصة بها.
١ - تعريف الخلف برجال السلف، وهو تأليف أبي القاسم الحفناوي (ابن الشيخ) في بداية هذا القرن. والواقع أن حياة الشيخ الحفناوي تمثل أحد النماذج للمثقف الجزائري الريفي في العهد الاستعماري من عدة وجوه، ومنها تواضع أهل الريف واستغلال السلطات الفرنسية لهم، وتنوع مصادر الثقافة، فقد نهل الحفناوي من مختلف الزوايا والمساجد والكتب القديمة قبل الالتحاق بالعاصمة وتعلم الفرنسية والتوظف الرسمي، كما عرف بالعمل الدائب واتقان المهنة والتفرغ لها، مع ضيق مجالات الطموح إلى الأدوار الكبيرة والمغامرات الخطيرة.
فهو من مواليد بلدة الديس الصحراوية القريبة من بوسعادة. قدمت إليه تقاليد الأسرة والبيئة ووهبته الطبيعة القاسية حب العلم وحب التجول والبحث عن مصادر الثقافة. فدرس على أبيه عدة علوم، وكانت بالقرب من الديس زاوية الهامل وشيخها محمد بن بلقاسم ومساعده محمد بن عبد الرحمن