الاتحاد والترقي) وخلع السلطان عبد الحميد (٢٨ ابريل، ١٩٠٩) وسجنه وتعيين أخيه بدله، وتدخل الأجانب في شؤون الدولة، والحروب التي تلت ذلك في طرابلس وفي البلقان.
ولذلك لم يرتح ابن عليوة في إقامته وخاب أمله، وتأسف على مصير دار الخلافة، ورجع إلى الجزائر (مكتفيا من الغنيمة وبالأياب) كما قال.
ورأي ابن عليوة في هذه الأحداث على غاية من الأهمية، ولكنه أملاه بعد استيلاء مصطفى كمال (أتاتورك) على السلطة وتحويل الخلافة إلى جمهورية، أي بين ١٩٢٢ - ١٩٢٤. ومع ذلك تظل ملاحظات ابن عليوة محتفظة بقيمتها، سواء بالنسبة لانطباعه عن الأحداث التي كانت تمر بها الدولة العثمانية عند زيارته، أو بالنسبة لآرئه الشخصية حول التقدم والوطنية (القومية؟) والعلمانية.
كانت الرحلة خلال شتاء ١٩٠٩ - ١٩١٠، أي بعد الانقلاب ببضعة أشهر فقط. وقد استعان بالرجل المذكور على تحقيق مراده. وهو التعرف على دار الخلافة فأعانه، ولكنه قال (لم أشف غليلي منها لتكوين الحواديث (كذا) الخلافية التي كان على وشك الاندلاع فيما بين (الأمة التركية وشبابها الناهض أو المصلح، كما يقولون). وهو هنا يشير إلى جماعة تركيا الفتاة أو الشباب التركي الذين تزعموا حركة التقدم والإصلاح، وقد جعلهم ابن عليوة في طرف و (الأمة التركية) في طرف آخر.
وسنرى أنه لم يكن يحبذ (النهضة ولا القومية ولا الاصلاح)، وهي شعارات لجنة الاتحاد والترقي. وكان ابن عليوة دقيقا حين قال إن أعضاء اللجنة بل وزعماء الحركة كلها كانوا ألعوبة في يد الأجانب. فهم في نظره أفراد كانت الحكومة قد أبعدتهم فذهبوا إلى أروبا (وأسسوا الجرائد والمجلات، وتجردوا لانتقاد الحكومة وكشف عوراتها من بين الدول الأجنبية، فوجد المغرضون بتلك الحركة العوجاء نوافذ وأبواب فتسربوا منها