للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعبية الدارجة (البوربرية) لأنه يعتقد أن الناس قد نسوها، بعد أن كانوا غير راضين عنها في الماضي، ولعلهم قد أضاعوها تماما. ومن رأي ديبارمي أن صاحب الكتاب المذكور قد وجه تلك الأشعار إلى العامة (الأميين) الذين لا يذوقون طعم الأدب، ثم إلى طلبة الزوايا حيث ما يزالون يتذوقون اللغة. ولكن الأمر اختلف بعد بضع سنوات، وحدثت (الثورة اللغوية) حسب تعبير ديبارمي، وهي التي كانت تقودها الصحف العربية المكتوبة باللغة المقدسة، بلغة قريش القديمة، وهي ظاهرة تحتاج في نظره إلى تفسير (١).

والذي ننتهي إليه من ذلك هو أن الجزائريين عن طريق نوابهم وصحفهم وسياسييهم قد نادوا بتعلم اللغة العربية، وربطوا بينها وبين الدين، ثم بينها وبين الوطنية والجنسية. ولا داعي لإيراد نماذج أخرى من منقولات جوزيف ديبارمي عن ردود الفعل اللغوي من خلال الصحف التي صدرت قبل ١٩٣١. وقد نشأت جمعية العلماء في هذه السنة (١٩٣١) وكان برنامجها ينص على أن تعليم اللغة العربية يمثل حجر الزاوية في وجودها، وكل أدبيات الجمعية وجرائدها وخطب رجالها، وأعمالهم تشهد على ذلك. ولا نرى داعيا لإيراد شواهد على ما نقول عنها (٢). إنما نذكر أن المؤتمر الإسلامي الجزائري لسنة ١٩٣٦ قد طالب بالحرية الكاملة في تعلم اللغة العربية وإلغاء كل ما اتخذ ضدها من إجراءات وقوانين وإنهاء اعتبارها لغة أجنبية، والاعتراف بها لغة رسمية (٣).

ومنذ ١٩٣٣ نادى نجم شمال إفريقية بتعليم اللغة العربية إجباريا. وقد نصت المادة الثالثة من برنامجه على أن اللغة الرسمية للبلاد ستكون هي اللغة العربية، ونصت المادة السادسة على أن التعليم سيكون باللغة العربية ومجانيا


(١) ديبارمي، مرجع سابق، ص ٢، ٩.
(٢) القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ط. عدة مرات بالعربية والفرنسية، أولها سنة ١٩٣١. ويوجد في الحركة الوطنية، ج ٣.
(٣) الشهاب، عدد خاص، يوليو ١٩٣٦، وكذلك الحركة الوطنية، ٣/ ٢٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>