للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها لأن الشيخ عثمان وعده بذلك، كما حصل من قبل (أي دوفيرييه) على نسخة من التاريخ الذي كتبه إبراهيم ولد سيدي ليحملها إلى الشيخ محمد العيد التجاني (١).

...

إن الصلة بين عائلة دوفيرييه والدكتور وارنييه كانت وطيدة. فقد كان وارنييه صديقا لوالد هنري دوفيرييه الذي كان من الكولون البارزين. وعندما رجع هنري من رحلته مرض وكاد يقضي نحبه لولا علاج وارنييه له. ولم يعاود هنري رحلته إلى الصحراء رغم محاولات الضغط عليه، لأنه كان في مقتبل عمره عندما قام بالرحلة الأولى. وفي الوقت الذي نشر كتابه عن أحوال التوارق ولهجاتهم وحروفهم وطعن في المسلمين المتعصبين، كما قال، والعرب الفاتحين، كان الدكتور وارنيه يشن حملته ضد مشروع المملكة العربية الذي قيل إن نابليون الثالث قد تبناه. فقد نشرت رحلة دوفيرييه سنة ١٨٦٤ وهي السنة التي أصدر فيها الدكتور وارنييه أيضا - كتابه الأول ضد المشروع المذكور ثم كتابه الثاني سنة ١٨٦٥. وإذا كان تركيز دوفيرييه على الجغرافية واللهجات والأحوال الاجتماعية للتوارق فإن تركيز وارنييه كان على الأعراق والطبائع والملامح الاجتماعية والأنثروبولوجية للبربر. فهو لم يكن مهتما باللهجات إلا بقدر ما تساعده على الوصول إلى إحصاءاته في عدد السكان البربر ومواقعهم (٢).

وكان موقف بعض الكتاب والباحثين من البربرية موقفا سياسيا. محضا. فكميل صابتييه لم يكن دارس لهجات ولا متخصصا في التعليم والبحث وإنما استعمل البربرية (الزواوية) سلاحا سياسيا. فهو رجل إداري وسياسي قبل كل شيء. وقد ظهرت محاولاته في مجال التشريعات والنظم، مثل إنشاء فرع خاص بأهل زواوة في مجلس الوفود المالية الذي أنشئ سنة ١٨٩٨. وكان


(١) نفس المصدر.
(٢) عالجنا هذه المسائل في فصل مذاهب وتيارات.

<<  <  ج: ص:  >  >>