للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جان سيرفييه من الصحفيين وليس من اللغويين أيضا. فشن حملته على الإسلام والجامعة الإسلامية والعرب، واعتبرهم جميعا خظرا داهما على الفرنسيين. ولكنه من الوجهة السياسية اعتبر اللغة الدارجة خليطا من الفينيقية، وقال إن الفاتحين المسلمين لم يحملوها معهم. وسار مارسيل موران، الأستاذ في الشريعة الإسلامية والأعراف البربرية في جامعة الجزائر، على ذلك النهج أيضا، فقال إنه كان على فرنسا ألا تعين القضاة المسلمين على مناطق الأوراس والبيبان لأن ذلك اعتراف منها بأن أهلها مسلمون راسخون. وأعلن موران أيضا أن هناك تنازعا بين الشريعة الإسلامية والعرف الزواوي لأن أهل زواوة في زعمه (قد رفضوا الشريعة القرآنية تماما) (١). وقد تجاهل موران طلب زعماء زواوة في نفس الوقت بتعيين القضاة المسلمين عليهم وكتابة السجلات باللغة العربية أسوة ببقية الوطن، بل كانوا يطالبون بالتخلص من العرف، ولكن لوسياني وجونار وشارل ليطو أبقوا على العرف البربري لأسباب سياسية. ومع ذلك ظل المواطنون يتوجهون إلى القضاة والموثقين المسلمين الذين كانوا يحررون السجلات بالعربية. وحتى ألبان روزي الذي قيل عنه إنه كان صديقا للجزائريين، طالب سنة ١٩١٣ بأن تحرر كل البيانات الموجهة إلى أهل زواوة بالفرنسية أو بالزواوية (أي بالحروف اللاتينية فقط). ومنذ أعلن روزي ذلك أيدته الصحافة الاستعمارية التي كانت قد عارضته في مواقفه الأخرى، ولكنها طالبت بأن تكون البيانات محررة بالفرنسية فقط (٢).

وكانت كتابات الشيخ محمد السعيد الزواوي المعروف بأبي يعلى تهاجم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى ما آل إليه الوضع القضائي في زواوة. وكان الزواوي تارة يصب نقده على قومه لركونهم إلى ما فرضه الفرنسيون عليهم من إجراءات مقصودة. وتارة يصب غضبه على الإدارة التي سعت عن قصد إلى الإبقاء على الأعراف القديمة في المنطقة لضرب الشريعة، وتعرض أبو يعلى إلى مسألة عدم توريث المرأة وعدم الاحتكام إلى الشريعة في ذلك.


(١) آجرون (الجزائريون المسلمون)، ٢/ ٨٨٧.
(٢) نفس المصدر، ٢/ ٨٨٠، وأيضا ١/ ٢٩١ - ٢٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>