للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن رحلة بوليفة إلى المغرب كانت هي الرحلة الوحيدة له خارج الجزائر. فلا نعرف أنه زار فرنسا، ولا أنه زار المشرق أو توجه إلى الحج. فهل فقد بوليفة ارتباطه بالمرابطية واعتبر نفسه منسلخا عن تراثه بعد هذه التجربة في المدرسة الفرنسية؟ ولكي نحكم عليه في ذلك يجب الرجوع إلى أوراقه الخاصة. وقد قيل إن مكتبته قد أحرقت خلال حرب الحرير من قبل العدو، أما زمامه أو دفتره الخاص الذي سجل فيه رحلته إلى المغرب فقد أنقذ. كما أن كتابه في تاريخ جرجرة يضم بعض أفكاره، ولكننا لا نملكه الآن. ويبدو أن بوليفة كان مثل ابن سديرة، غير مهتم بأحوال العصر الاجتماعية والسياسية فلم يكتب في صحيفة ولم يناقش قضايا الوقت، مكتفيا بجمع النصوص والتعليم في أغلب الأحيان.

ولكن أعماله الأدبية والتاريخية تشهد على غزارة إنتاجه وتنوع اهتمامه. ففي ميدان الأدب واللغة جمع مجموعة من الشعر الزواوي (القبائلي) ونشرها سنة ١٩٠٤ (١). وقد ترجم ذلك إلى الفرنسية وعلق عليه. ويتمثل معظمها في الأغاني الشعبية. وفي نظر باصيه أنها أغاني (أشعار) لم يسبقها إلا مجموعة هانوتو عن الشعر الزواوي، ولكنها في نظر باصيه الذي اعتاد الحط من كل ما يقوم به الجزائريون، كما فعل مع الصدقاوي أيضا، أشعار أقل أهمية مما جمع هانوتو، لأنها لا تكاد تخرج عن موضوع المرأة. ولكن باصيه قال إنه بالرغم من ذلك فإن المجموعة تحتوي على وثائق هامة حول المجتمع البربري المعاصر، ولذلك ألح على أهمية العمل من الوجهة اللسانية وليس الأدبية.

ولبوليفة عمل آخر سماه (توفيقي أو قانون عدني). وعدني هي مسقط رأسه كما عرفنا، وتضم عرشا يقطن خمس قرى بين تيزي وزو وعين الحمام


(١) راجعها فان جيناب Van Ginap في المجلة العامة للبيبليوغرافية الفرنسية، المجلد ٢، ص ٣١٢ (. R.G.DE.B.F).

<<  <  ج: ص:  >  >>