للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سجن قسنطينة وحضر وفاته. وكان من أنصار دعوته وطريقته الرحمانية. وعاش في قسنطينة طويلا (حوالى ربع قرن). عرف أثناءها بداية عهد العرائض والمطالب، وحلول عبد القادر المجاوي بقسنطينة معلمار حرا ثم موظفا رسميا في المدرسة الكتانية. وظهور علماء آخرين أمثال حمدان الونيسي، وحميدة بن باديس، وصالح بن مهنة. وقد وجدناه يتعرض بالنقد الشديد للمجاوي وابن مهنة، دون الآخرين، الأول كمدرس منافس له والثانية كمنتقد لعصاة الأشراف (١). ولا نعرف أن عاشور ساهم في جريدة المنتخب التي ظهرت سنة ١٨٨٢ في قسنطينة، ولا في جريدة المبشر الرسمية التي كان يكتب فيها بعض أدباء قسنطينة أمثال مصطفى بن السادات. ويبدو أن عهد الكتابة عنده قد بدأ في الثمانينات فقط.

ويظهر أسلوبه النثري في مقدمات ديوانه منار الإشراف، وفي نقده لحالة العلم واللغة والأدب التي عليها الأدباء، وفي رسالته عن البوازيد. وجاء في ديباجة منار الإشراف أنه سلك فيه (سبيل الجزالة والسهولة والعذوبة والانسجام، أولا تطريبا لأعلام العلماء الأعلام، وثانيا، تقريبا لإفهام الطلبة والعوام. وثالثا تدريبا على سلوك الحكمة الحقة التامة: البلاغة مارضيته الخاصة وفهمته العامة. ورابعا عملا بوارد الحديث ... خاطبوا الناس بما يفهمون). وقد انتقد عاشور أسلوب أهل العصر الجديد لما فيه من التكلف، حسب تعبيره. (فليت شعري أين أهل العصر الجديد، من أرباب المعلقات السبع الصناديد، وفرسان الفصاحة والبلاغة أهل الأسجاع والأناشيد؟) (٢) ونحن نفهم من ذلك أن عاشور كان يميل إلى أسلوب التراث ولا يرضى بأسلوب المتأدبين الجدد. ولعله يقصد أولئك الذين يكتبون بالطريقة التي شاعت في صحف المشرق. أما أساليب الجزائريين فقد ظلت محافظة وضعيفة من جهة أو متأثرة بالتعابير الاستشراقية من جهة أخرى. فنقده للأسلوب الجديد وتفضيله الأساليب البلاغية القديمة يذكرنا أيضا بنقد


(١) تعرضنا لذلك في ترجمة عاشور.
(٢) عاشور الخنقي (منار الإشراف) ط. الجزائر، ١٩١٤، ص ١٣٠ - ١٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>