للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنبدأ بالرسائل الديوانية، وهي تلك الصادرة عن الإدارة أو باسمها وكذلك الموجهة إليها بنفس الأسلوب والطريقة. وقد كان للإدارة الفرنسية كتاب جزائريون ومترجمون فرنسيون يتولون ذلك، فيكتبون الرسائل إلى أعيان البلاد، ويتلقون رسائلهم ويترجمونها. كان ذلك في الفترة الأولى من الاحتلال، واستمر التعامل به على مستوى المكاتب العربية العسكرية. ولكن هذه الرسائل من الجانبين ليس فيها عناية بالأدب، ولم يكن في المكاتب ولا المترجمين من يتقن اللغة والأساليب إلى درجة الرقي بها إلى مستوى رفيع. ولك أن تقرأ الرسالة التي بعثت بها الإدارة الفرنسية إلى المفتي الحنفي تهدده إذا لم يتراجع عن موقفه إزاء زميله المفتي المالكي (١).

وكانت إدارة الأمير عبد القادر قد وفرت الشروط لمراسلات ديوانية رفيعة المستوى. فقد جند الأمير مجموعة من الكتاب المتأدبين، بعضهم معروف بالاسم، مثل قدور بن رويلة ومحمد المخروبي وأحمد البدوي، ومصطفى بن التهامي، وبعضهم غير معروف لنا الآن. وقد قلده خلفاؤه في ذلك، فكان لمحمد بن علال كتابه، ولمحمد البوحميدي كتابه، إلخ. كما أن الخلفاء أنفسهم، والأمير بالطبع، كانوا متعلمين من صنف المثقفين والمرابطين غالبا. ولنذكر منهم الحسين بن عزوز، ومحمد البركاني، وأحمد الطيب بن سالم. وإذا عدنا إلى الرسائل الصادرة عن إدارة الأمير العامة أو إدارة خلفائه، نجدها متقيدة بقواعد اللغة محافظة على الأساليب العربية في الحكمة والمثل والاستشهاد بالشواهد والإيجاز. وهذه الخصائص نجدها في الرسائل الصادرة عن إدارة الأمير سواء كانت موجهة إلى الفرنسيين، أو إلى الجزائريين أو إلى غيرهم من الساسة والعلماء، مثل الرسائل التي وجهها الأمير إلى حكام فرنسا وحكام بريطانيا وأمريكا وإسبانيا، وكذلك حكام المغرب والدولة العثمانية. ومن شاء فليراجع مراسلة الأمير إلى السلطان عبد المجيد (٢).


(١) انظر ذلك في أبحاث وآراء، ج ٣. فصل (من رسائل علماء الجزائر).
(٢) عبد الجليل التميمي (بحوث ووثائق مغربية)، تونس، ١٩٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>