بإرادة الله. ومن ثمة لم يغلق الباب في وجه الحرب، كما فهم البعض، ما دام ذلك متوقفا على إرادة الله التي لا يتحكم هو فيها، وإنما قال إنه توقف عنها لأن الله أمره بذلك عندئذ. وذكر أن الدين الإسلامي والشرف العائلي يأمرانه بالوفاء بوعده وعدم الغدر. وإليك بعض العبارات الأدبية منها.
قال الأمير متحدثا عن نفسه ومخاطبا نابليون:(جاء إلى حضرتكم العلية بالله يستكثر بخيركم، ويتمتع بالنظر إليكم، فإنكم والله أحب إليه من كل محبوب، وفعلتم معه الفعل الذي هو فوق قدره وما يستأهله، ولكن فعلكم على قدر همتكم وعلو مقامكم وكمال شرفكم، ولستم، أعزكم الله، ممن يمدح بالباطل، أو يخدع بالكذب، وأنكم أمنتم فيه وما صدقتم من شك في أمانته وسرحتموه، وفعلتم من غير وعد، وغيركم وعد وما فعل. وهو (يعني نفسه) أعطاكم عهد الله وميثاقه وعهود جميع الأنبياء والمرسلين أنه لا يخالف أمانتكم فيه، ولا يخرج عن عهدكم، ولا ينسى فضلكم، ولا يرجع إلى قطر الجزائر أبدا، لأنه حين أوقفه الله تعالى وقف وضرب البارود على قدر ما قدر، وحين أراد الله جلوسه جلس ورضى بقضاء الله، وسلمت في الملك وجئتكم، وديني وشرفي يأمرانني بالوفاء بالعهد وعدم الغدر. وأنا شريف لا نرضى أن ينسبني الناس إلى الغدر، وكيف يكون ذلك وقد رأيت من إحسانكم وفضلكم ما نعجز عن شكره، (إن) الإحسان إلى الأحرار سلسلة في رقابهم تقودهم إلى محبة المحسن، وقد شاهدت من فخامة ملككم وقوة عساكركم وكثرة أموالكم ورجالكم وعدالة أحكامكم ونصيحة عمالكم واستقامة أموركم كلها ما نقطع ولا نشك فيه أنه لا يغلبكم ولا يردكم عن مرادكم إلا الله تعالى ...) (١).
ولنذكر من النثر الفني خلال القرن الماضي الرسالة التي بعث بها
(١) مخطوطات المكتبة الوطنية الفرنسية (عربي)، رقم ٧١٢٣. ص ٩٦ - ٩٧، منتصف محرم ١٢٦٩/ ٣٠ أكتوبر، ١٨٥٢. نفس النص قام بترجمته إسماعيل أوربان (عربان) ونشرته (المجلة الشرقية والجزائرية)، المجلد ٣، ١٨٥٣، ص ٣٧٩ - ٣٨١.