ومن الواضح أن التقريظ كان للمخطوطة كما سمعها أو تلقاها ابن باديس من ناظمها. أما طبعها فقد تم في مرحلة متأخرة.
وكانت بين الشيخ أبي يعلى الزواوي وبعض شيوخ العصر من جزائريين وغيرهم معارف وصلات. وحين وضع مشروع كتابه عن تاريخ الزواوة أشاد به الشيخ طاهر الجزائري، وهو في مصر. ثم التقى الرجلان أثناء الحرب العالمية الأولى في مصر ووضعا تصورا لما يجب أن يقوما به في سبيل المشروع المذكور. وقد اعتز أبو يعلى بشهادة كل من الشيخ طاهر ومحمد السعيد بن زكري على عمله. ولكنه أهدى كتابه إلى أحمد بن علي الشريف واعتبره من عظماء زواوة وأشرافها (هاشميا فاطميا زواويا) قائلا في عبارات فخمة: (مولاي! كان لتاريخ الزواوة شأن عظيم وأنتم من الأعاظم، وكان لهم نسب كريم وأنتم من الاكارم).
ويقول أبو يعلى إن التقريظ الذي يطلبه المؤلفون غير طبيعي وغير جيد، أما التقريظ الذي يصدر نتيجة قناعة من المقرظ فهو عمل حسن ودلالة على صدق التقريظ. واعتز بشهادة الشيخ طاهر لمشروعه (أي قبل أن يصبح كتابا) حين قال له (أحى منك نزعة إصلاحية ونهضة زواوية، وقد أثبت لي كتابك (خطابك) هذا ما بلغني عنك من غير واحد. ومن الذين قرظوا الكتاب (وقد صدر سنة ١٩٢٤) الشيخ السعيد اليجري في نص قصير (١)، جاء فيه:(وما أهديتموه إلينا من جواهر آدابكم استودعناه الحافظة واستنارت به البصيرة، فيجدر بنا أن نجعل رسائلك البليغة الولائم، لأنها تفوق لدينا الأعياد والمواسم).
ومنذ العشرينات كانت الكتب تظهر مرفقة ببعض التقاريظ التي تجود
(١) أبو يعلى الزواوي (تاريخ الزواوة)، دمشق ١٩٢٤، ص ١٠٣. كان أبو يعلى قد انتهى من تأليف كتابه في القاهرة، سنة ١٩١٨. وقد طلب الشيخ اليجري من الزواوي أن يبعث إليه نبذة عن شيوخه والكتب التي قرأها، مما يبرهن على أن الزواوي كان ربما ما يزال في المشرق عند كتابة التقريظ.