بها أقلام الأصدقاء والمعجبين والأنصار. وأحيانا كانت تكتب المقالات الصحفية في الإشادة بالتأليف بعد ظهوره في الصحف والمجلات. وهكذا ترافقت حركة التأليف مع موجة التقاريظ. ومن التقاريظ ما كان شعرا كما عرفنا، وهو ما لا يهمنا هنا. لقد حظي (شعراء الجزائر) لمحمد الهادي السنوسي بالتقاريظ عند ظهوره سنة ١٩٢٧، وكذلك مؤلفات وبحوث أحمد توفيق المدني ومبارك الميلي وصحف أبي اليقظان وابن باديس، ودروس العقبي وبلاغة الإبراهيمي.
ولقد حاول مبارك الميلي أن يعفى كتابه (تاريخ الجزائر) من هذا التقليد وهو طلب التقاريظ من إخوانه، معترفا أن ذلك كان ديدن المؤلفين، ولكنه لم يستغن عن رأي عالم جليل في كتابه، وهو الشيخ عبد الحميد بن باديس. ولا يمكن إيراد رسالة التقريظ بحذافيرها هنا، لأنها طويلة نوعا ما. ولنكتف بالعبارات المقصودة بالتنويه بالكتاب وبأسلوب ابن باديس الذي قلنا إنه يتميز بالعمق والحرارة والسرعة على قدر أعصاب ووقت صاحبه. فقد اعتبره (أول كتاب صور الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سوية، بعدما كانت تلك الصورة أشلاء متفرقة هنا وهناك. وقد نفخت في تلك الصورة من روح إيمانك الديني والوطني ما سيبقيها حية على وجه الدهر، تحفظ اسمك تاجا لها في سماء العلا، وتخطه بيمينها في كتاب الخالدين ... إذا كان من أحيا نفسا فكأنما أحيا الناس جميعا، فكيف من أحيا أمة كاملة؟ أحيا ماضيها وحاضرها، وحياتهما عند أبنائها حياة مستقبلها. فليس - والله - كفاءة عملك أن تشكرك الأفراد، ولكن كفاءة أن تشكرك الأجيال ...)(١).
وآخر ما نذكره من التقاريظ الآن هو ما كتبه الشيخ أحمد الأكحل في تقريظ كتاب (مجموع النسب) من تأليف الشيخ الهاشمي بن بكار حوالي ١٩٦١. وكان كلا الرجلين من أهل العلم والدين والوظيف الرسمي في
(١) عبد الحميد بن باديس (رسالة تقريظ) في كتاب (تاريخ الجزائر) لمبارك الميلي، ج ١، ط ١، ١٩٢٩، ص ٣٦١ - ٣٦٢. والرسالة بتاريخ ١٣٤٧.