للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٧ م) وشاركوا في حياتها العلمية ولا سيما التدريس وكان علماء المغرب بالخصوص قد كثروا، في هذه الأثناء بالجزائر وقسطينة وغيرهما. كما سنرى. ولم يأت الأنصاري إلى الجزائر وحده بل اصطحب معه أسرته. فقد وجدنا أنه زوج إحدى بناته لتلميذه عيسى الثعالبي، ولا ندري ما هي الظروف السياسية التي جعلت الأنصاري يفضل الجزائر على المغرب عندئذ ولا ما الذي حمل باشوات الجزائر، وخصوصا يوسف باشا، على الترحيب به وتقريبه, وقد كان بمدينة الجزائر ساعة قدومه إليها علماء بارزون أمثال سعيد

قدورة وأحمد الزروق بن داود. ولكن طلاب الجزائر كانوا في حاجة إلى المزيد من رجال العلم ولا سيما من المغرب الذي اعتادوا أن يتوجهوا هم إليه لاستكمال معارفهم في جامع القرويين وغيره. فكان مجيء الأنصاري إليهم فرصة نادرة عليهم أن يغتنموها. ويبدو أنه لم يكن هناك تنافس بين قدورة والأنصاري. فهل سبق لهما التعارف في المغرب؟ وهل كان ذلك التعارف سببا في قدوم الأنصاري إلى مدينة الجزائر؟.

وما تزال حياة الأنصاري يكتنفها الغموض لعدم وجود ترجمة وافية له رغم دوره في الدرس والتأليف في الجزائر وفي المغرب. ومهما كان الأمر فإن المحبي قد خصص له في كتابه (١) بعض السطور نقلا عن عيسى الثعالبي الذي ترجم لأستاذه الأنصاري في فهرسه المسمى (كنز الرواة) (٢). كما تحدث عن الأنصاري أستاذه أحمد المقري (٣). ويفهم من كلام المقري أن الأنصاري كان في المغرب بعد سنة ١٠٣٧ لأن المقري قد أورد نص رسالة وردت عليه في مصر من الأنصاري حدثه فيها عن (الشر العظيم) الذي حل بفاس والاضطرابات السياسية التي كانت تمر بها نتيجة تقاتل أبناء السلطان على الملك. وأخبره أيضا عن عائلته (المقري) في المغرب وعن سمعته العلمية بين الناس. كما نقل إليه تحية شيخ الطريقة الدلائية، محمد بن أبي


(١) المحبي (خلاصة الأثر) ٣/ ٢٤٠.
(٢) نترجم للثعالبي في الجزء الثاني: انظر أيضا الكتاني (فهرس الفهارس) ١/ ٣٧٨.
(٣) المقري (نفح اليب) ٣/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>