للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكر الدلائي. والمعروف أن الأنصاري قد قرأ على المقري عندما كان هذا في المغرب. ولذلك كان الأنصاري يخاطبه بعبارة البنوة، وقال عن تآليفه انها من (بركتكم).

وإذا كنا نعرف من المقري أن الأنصاري كان ما يزال في المغرب إلى سنة ١٠٣٧ فإن المحبي يخبرنا أنه (الأنصاري) قد رحل من بلاده (المغرب) بعد سنة ١٠٤٠ وأنه قد قصد الحج كأستاذه المقري ودخل مصر سنة ١٠٤٣ (أي بعد حوالي سنتين من وفاة المقري) وأنه تتلمذ في مصر على عدة مشائخ ثم عاد إلى المغرب (١). والغاب على الظن أن الأنصاري قد دخل الجزائر بين ١٠٤٥ و ١٠٤٧، والتاريخ الأخير هو الذي قامت فيه ثورة ابن الصخري في الجزائر ولعب خلاله يوسف باشا، ولي نعمة الأنصاري، دورا بارزا، كما سبق. ومهما كان الأمر فإن الأنصاري قد بقي في الجزائر إلى وفاته سنة ١٠٥٧ (٢).

انطلقت إذن دروس الأنصاري في مدينة الجزائر كما انطلقت من قبله دروس قدورة. وحفلت العاصمة بمستوى رفيع من التعليم يقوم به عالمان كبيران وأصبح أمام الطلاب مجال واسع للاختبار، فكان بعضهم يختار الأول وبعضهم يختار الثاني وبعضهم يحضر دروس الاثنين معا. وكان الأنصاري متمكنا من عدة علوم حتى قال عنه المحبي انه (كان آية باهرة في جميع العلوم) وكان يدرسها جميعا لطلابه بكتب متقدمة في المستوى. ومن العلوم التي كان يدرسها أصول الدين والبيان والمنطق والنحو ومصطلح الحديث والفقه والحديث والسير والتصوف. وتكاد هذه العلوم تكون هي نفسها التي كان يدرسها زميله قدورة ولكن مع اختلاف في الأسلوب والشخصية


(١) يذكر المحبي أن الأنصاري رجع إلى فاس وأصبح مفتيا في الجبل الأخضر (؟) وأنه بقي هناك ولم يذكر أنه انتقل إلى الجزائر.
(٢) جاء في كتاب أحمد توفيق المدني (محمد عثمان باشا) ٨١، أن الأنصاري هو علي بن محمد بن عبد الواحد الخ. وأنه توفي سنة ١٠٥٤، ولم نر ممن ذكر هذا التاريخ غير المدني، كما انفرد المدني بقوله إن الأنصاري من أصل جزائري.

<<  <  ج: ص:  >  >>