للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن الشخص الموجه إليه الخطاب لا يقرأ العربية الأدبية، وأن هناك مترجما ستمر عليه الشكوى قبل أن تصل إلى هدفها، ولذلك لم يكن الكتاب من هذا النوع يتفننون في الأسلوب لعدم الفائدة من ورائه وعدم شعورهم بأنهم يؤثرون به على المخاطب.

واستمر ذلك الموقف في العرائض الجماعية السياسية التي أخذت في الظهور بعد الثمانينات. فقد صدرت عدة عرائض عن أعيان قسنطينة وتلمسان كتبت أصلا بالعربية الضعيفة ثم ترجمت إلى الفرنسية وقدمت إلى السلطات الحاكمة (١). وبعد تقدم الزمن نحو بداية هذا القرن رأينا العرائض أصبحت تكتب بالفرنسية مباشرة، كما حدث سنة ١٩١٢ عند معارضة التجنيد الإجباري، وسنة ١٩١٩ عندما قدم الأمير خالد عرضته إلى مؤتمر الصلح بباريس حول تقرير المصير. ورغم أن جمعية العلماء قد قدمت مطالبها بالعربية سنة ١٩٣٦، فإن مطالب المؤتمر الإسلامي قد رفعت إلى الحكومة بالفرنسية. كما حدث أيضا في بيان ١٩٤٣، وبيان ١٩٥٤. وكانت جمعية العلماء قد نشرت في صحفها عرائض عديدة بالعربية تحتج فيها على اضطهاد المعلمين واللغة العربية والمساجد. ومن ذلك أيضا ما نشره ابن باديس باسمه تحت عنوان (كتاب مفتوح) إلى النواب الأحرار وقدماء المحاربين والقضاة ومعلمي الفرنسية حول نفس الموضوع (٢).

ونقصد بالنداءات الخطاب المكتوب غير المباشر الذي يكتبه عالم أو سياسي أو أديب ويوجهه إلى الشعب عموما أو إلى قبيلة أو جماعة، طالبا في ندائه الانضمام إلى دعوته أو الانتماء إلى فكرته أو التأييد له. وقد كثرت النداءات في عهود المقاومة، مثل نداءات الجهاد الصادرة عن الأمير عبد القادر والشيخ الحداد والشيخ بوعمامة، ومثل دعوة ابن باديس لعقد المؤتمر


(١) انظر الحركة الوطنية، ج ١.
(٢) انظر البصائر، ٤ أبريل ١٩٣٨، وكذلك عدد ١٣ مايو من نفس العام. بعد ١٩٤٧ تلاحظ أن البصائر كانت حافلة بالعرائض والبيانات حول مواضيع عديدة، ومنها مسألة فلسطين، وفصل الدين عن الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>