للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنقاء، وتحصنت باستمرار القدم، ولم يطرأ على وجودك الواجب عدم، أو يطرق ساحتك هم ألم، أو ضعف عرض أو ألم ... فسبحانه من إله قهر العباد بالموت، وجرعهم مرارة الفقد والفوت، وكتب عليهم الفناء، وأرصد لهم ملك الموت بالقنا، وعرضهم لسهام المنايا، وحكم فيهم سيف المحن والبلايا، فكل من عليها فان، ولا ينجو ملك ولا إنس ولا جان ... وبعد، فإنه لا شيء مما يحن (كذا) القلوب، ويكدر صفو العيش المحبوب، كفقد المصائب، وأفجع الدواهي والنوائب، إذ هم، كثرهم الله، لمن أراد الطيران أجنحة، ولمن حاول القتال أسلحة، ولا سيما العلماء الأعلام، ومصابيح الظلام، وأيمة الاقتداء، ونجوم الاهتداء، مثل مولانا سيدي محمد بن الحاج حمو، الذي ما قالت الأفاضل أين الفضل إلا قال هلموا ...) (١).

وعند وفاة الشيخ محمد عبده (١٩٠٥ تأخر علماء الجزائر وعزوا فيه رشيد رضا وأتباعه. وكان بعض هؤلاء قد أصبح من تلاميذ الشيخ عبده، قبل أن يروه في بلادهم سنة ١٩٠٣. ومنذ زار الجزائر زادت الروابط الأدبية والعلمية بينهم وبينه. وقد عالجنا هذه النقطة في غير هذا (٢). أما الآن فحسبنا ذكر التعزية التي أرسل بها أحد المتعلمين الجزائريين إلى الشيخ رشيد رضا، ومن خلاله إلى كل (إخوان المرحوم وأبنائه وأحبائه). ومن الأسف أن الشيخ رشيد رضا اختصر هذه التعزية وأن المعزي لم يذكر اسمه وإنما رمز إليه بحرفين (ع. ز.)، ولم نستطع الآن أن نتبين كل الاسم. وقد ذكر المعزي أنه حضر مجالس محمد عبده عند زيارة الجزائر وأن الله قد من (علينا رؤية حضرته الغراء، وطلعته الزهراء، وحاضرناه وشافهناه). ثم أخبر أنه سامره ونال منه علوما كثيرة خلال الأيام التي بقيها الشيخ في الجزائر. (وخاطبنا بخطاب أشهى من طعم الضرب، بأفصح كلام العرب ... وكشف لنا عن


(١) من مقالة طويلة نقلها إلي إبراهيم الونيسي وقدمها إلي في ٨ يناير، ١٩٩٠، انظر المبشر ٣١ ديسمبر، ١٨٦٨. ولعل كلمة (يحن) هي (يحزن).
(٢) انظر فصل الجزائر في المشارق والمغارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>