أربع عشرة سنة أصبح من مدرسي القسم العالي بها، وهو القسم الذي استحدث سنة ١٨٩٥. وظلت المواد التي يدرسها هي اللغة والأدب والمنطق. وقد انعكس ذلك على نوع التأليف التي صدرت عنه أو التي حققها خلال هذه الفترة.
فقد ألف في الأدب والعروض والمنطق كما ذكرنا، وظهرت علاقته بالاستشراق في مؤلفاته وبحوثه، وفي تحقيقه للنصوص والتعريف بالإجازات والتراجم، وقد شارك سنة ١٩٠٥ مشاركة بارزة في مؤتمر المستشرقين ١٤ بالعاصمة حيث قدم بحثين، وقام بكتابة تقرير عن قسم اللغات الشرقية في المؤتمر، نشر في المجلة الإفريقية. وكان عندئذ في منتصف عقد الثلاثين. وكان طموحا في مجال العلم متمكنا من اللغات الشرقية والأروبية (سيما الفرنسية)، فكان لا ينفك عن البحث والتحقيق إلى أن حصل سنة ١٩٢٢ على الدكتوراه في الأدب عن أبي دلامة من كلية الآداب (المدرسة العليا سابقا)، وكان بحثه الثاني للدكتوراه عن الألفاظ الفارسية والتركية في لهجة العاصمة. وشهدت سنة ١٩٢٤ وفاة شيخه باصيه، عميد كلية الآداب، وتعيينه هو أستاذا بهذه الكلية، ولكن بصفته أهليا (أندجين) إذ كانت العنصرية الفرنسية تمنعه من أن يكون أستاذا كامل الحقوق.
في الوقت الذي كان فيه ابن شنب يتكون علميا كانت الجزائر كلها تمر بمرحلة انتقالية هامة. فإذا طرحنا سنوات طفولته في المدية - السبعينات - وجدنا العقود التالية كلها متميزة بأحداث كان لها أثر كبير على جيله. وقد ظهر ذلك في فشل الثورات، وارتماء العامة في حضن التصوف، وفتح الفرنسيين بعض المدارس (الأهلية) بما فيها قسم بمدرسة بوزريعة خاصا بتكوين المعلمين الجزائريين. وحلت بالجزائر لجنة التحقيق الفرنسية الشهيرة سنة ١٨٩٢، وأعيد النظر في برنامج المدارس الرسمية الثلاث الخاصة بتخريج القضاة والمدرسين والأيمة. وراجع الفرنسيون سياستهم عن العالم الإسلامي والدولة العثمانية، وتركزت أطماعهم على المغرب الأقصى وإفريقية، وكان كل ذلك قد وقع خلال عهدي جول كامبون وشارل جونار.