وفي أوائل هذا القرن حدثت أحداث أخرى هامة، مثل التجنيد الإجباري وظهور الجرائد والنوادي والجمعيات وتأليف الوفود، واحتلال ليبيا والمغرب وزيارة الشيخ عبده. فأين كان ابن شنب من كل ذلك؟ الواقع أننا لا نعرف له أي نشاط ظاهري خارج التعليم والتأليف في هذه الأثناء، وحتى إرساله إلى المغرب في مهمة خاصة تحدث عنه ألفريد بيل، ولا نعرف متى وقع ذلك بالضبط ولا تحديد المهمة. كما أن الحرب قد غيرت موازين عديدة في داخل البلاد وخارجها، وكان من أثرها ظهور حركة الأمير خالد السياسية. وحركة ابن باديس الإصلاحية. ومع ذلك فإن اسم ابن شنب كان غير معروف لا في هذه ولا تلك.
وعند وفاة ابن شنب سنة ١٩٢٩ شاه الرأي العام الجزائري والفرنسي. وكتب عنه الجزائريون والفرنسيون. فقد مشى في جنازته (النصارى والمسلمون) على حد تعبير هنري ماسيه. ومن النصارى مارتينو، عميد كلية الآداب، الذي خلف باصيه في هذه الوظيفة. وفي خطبة التأبين قال عنه مارتينو إن ابن شنب كان (صورة للأديب المسلم الذي عرف كيف يطلع على الأساليب الأروبية في العمل بدون أن ققد شيئا من صفاته وعاداته، وإن أستاذه باصيه هو الذي كان يتولى هدايته في العمل. وأن ابن شنب قد عرف لوازم النقد العلمي). وكذلك ابنه ألفريد بيل الذي كان له فيه رأي شبيه برأي مارتينو، غير أنه خالفه في أمور أساسية ومنها التركيز على ولاء ابن شنب لفرنسا وتصنعه في الاحتفاظ باللباس العربي. أما هنري ماسيه فقد قال إن ابن شنب كان مثال (التآلف) الفرنسي - الإسلامي في الجزائر وتنبأ بأن أحد المؤلفين سيكتب كتابا يجعل فيه ابن شنب رمزا لهذا التآلف والانسجام.
وقد نوه الجزائريون المعاصرون بابن شنب أيضا ونظروا إليه نظرة المعجب المفتخر، لأنه تمكن من العلم وحافظ على هندامه الوطني ووصل إلى أعلى درجات الوظيفة الأكاديمية، ونشر كتب التراث مع تواضع ووقار، وانتخب لعضوية المجامع العلمية. وشارك في ذلك التنويه محمد السعيد