نشروا إنتاجهم، رغم قلته، في جرائد عربية خارج الجزائر خلال الفترة الثانية. فقد نشرت (الجوائب) لأحمد فارس الشدياق و (المنار) للشيخ محمد رشيد رضا و (الحاضرة) لعلي بوشوشة، قصائد وقطعا في المدح والتقريظ والرثاء وغيرها لشعراء جزائريين. ومن هؤلاء أحمد المجاهد الغريسي الذي كان قاضيا، وعمر بن قدور الذي كان محررا في جريدة الأخبار قبل الفاروق، ومحمد بن مصطفى خوجة الذي كان صحفيا في المبشر ثم مدرسا في أحد مساجد العاصمة، بالإضافة إلى مشاركة إخوة الأمير عبد القادر وأولاد أخوته في الحركة الشعرية بالمشرق. ومما يذكر أن محيي الدين بن الأمير عبد القادر له ديوان شعر في مستوى راق بمفهوم وقته. فالحركة الشعرية في المشرق كانت أكثر خصوبة منها في الجزائر عندئذ، نظرا لمستوى التعليم وانتشار الصحف وشيوع الترجمة وظهور النقد الأدبي.
والمرحلة الثالثة للشعر تبدأ من ١٩٢٠ وتستمر إلى عشية ثورة نوفمبر ١٩٥٤. وهي أخصب الفترات إنتاجا. وخلالها برز عدد من الشعراء الذين كانوا غالبا مستقلين، وكان بعضهم من رجال الدين الرسميين أو من المساندين للإصلاح الذي تبنته جمعية العلماء المسلمين. ورغم اختلاف المستوى بين شاعر وآخر، فإن الحركة على العموم كانت تتقدم وتتسع إلى أن وصلت إلى قمتها على يد محمد العيد ومفدي زكريا. لقد انتعشت حركة التعليم العربي منذ شرع ابن باديس في تأسيس المدارس عبر القطر، وأخرجت الدارس الرسمية أيضا عناصر معربة أو مزدوجة اللغة، وانتشر الطلاب الجزائريون ينشدون التعليم العربي في تونس ومصر والمغرب، ثم رجع بعضهم بزاد وفير. وكذلك رجع بعض العلماء المهاجرين من الحجاز (العقبى) وسورية (الإبراهيمي). وزيادة على ذلك ظهرت الصحف العربية المستقلة عن الحكومة، وتنافست في نشر القصائد مما سمح للشعراء أن ينشروا إنتاجهم، فكانت الإقدام والشهاب، وجرائد الشيخ أبي اليقظان العديدة، والنجاح، والبلاغ، والبصائر، والإصلاح، والمنار، ميادين لهؤلاء الشعراء. وكانت تقدم للقصائد بعبارات الاستحسان والمدح أحيانا.