تحفيظ القرآن الكريم وبعض المعارف العربية والإسلامية، مثل زوايا الجنوب وزواوة. وتنسب إلى مصطفى بن التهامي غوثية هامة عندئذ، وكذلك منظومات لمحمد الشاذلي، وكان رجال السلك الديني (رجال الإفتاء والخطابة والإمامة) يتعاطون هذا النوع من الشعر الديني أيضا، كما كانت لهم أراجيز وقطع تعليمية تدور حول الفنون التي كانوا يدرسونها. ومن هؤلاء المفتي حميدة العمالي.
وفي المرحلة الثانية (١٨٨١ - ١٩١٩) برزت الصحف وانتشر التعليم قليلا وسمح بالتعبير المحدود عن خلجات النفس في عهدي كامبون (١٨٩١ - ١٨٩٧)، وجونار (١٩٠٣ - ١٩١٢) في الميادين غير السياسية. وكان ذلك سببا في بروز عدد من شعراء اللغة الفصحى معظمهم من الجنوب. ومن أبرزهم على الإطلاق الشيخ عاشور الخنقي الذي كان يعيش في قسنطينة منذ السبعينات ثم انتقل إلى زاوية الهامل للتعليم. وكان ديوانه (منار الإشراف) الذي نظمه خلال التسعينات أول ديوان في الجزائر (طبع كذلك ديوان الأمير في المشرق حوالي نفس الفترة). ولولا أن شعر الخنقي كان معظمه في غرض واحد، وهو الدفاع عن الأشراف بالحق أو بالباطل، لكان صاحبه أعظم شاعر جزائري في آخر القرن الماضي وبداية هذا القرن. وهناك أيضا محمد بن عبد الرحمن الديسي الذي له ديوان غير مطبوع. لقد جرب الشعراء خلال الفترة المذكورة كل أنواع الشعر تقريبا، الشعر السياسي والاجتماعي والصوفي والغزلي والمدحي. وسنرى ذلك بعد قليل، وقد وجد بعضهم في جريدة (المنتخب) وهي جريدة فرنسية خاصة، وسيلة للتعبير (١٨٨٢ - ١٨٨٣) ولكنها سرعان ما اختفت. ولم تظهر الصحف التي نشرت الشعر سوى في العشرية الأولى من هذا القرن، ومنها المغرب، وكوكب أفريقية، والفاروق. ولا بد من الإشارة إلى أن الأولى والثانية جريدتان حكوميتان، أما الفاروق فقد كانت من إنشاء عمر بن قدور، وقد كان ابن قدور نفسه شاعرا وكذلك كان المولود الزريبي المعاصر له. وقبل أن نتحدث عن المرحلة الثالثة، نقول إن بعض الشعراء كانوا قد