لها أسرة المقري، ولدور الوزان في التدريس خصصنا له هذه السطور.
وقد تناول الوزان بالحديث عدد من المؤلفين ولكننا إلى الآن لم نعثر على ترجمة وافية له. فهو رغم مكانته لم يحتل مكانا بارزا في كتب المترجمين، وقد خصص له أحمد المنجور المغربي في فهرسته بعض الحديث نقلا عن شيخه يحيى بن عمر الزواوي الذي كان من تلاميذ الوزان، وعن بعض علماء قسنطينة أيضا، وعندما ترجم له أحمد بابا التمبكتي اكتفى بالنقل عن المنجور، وبناء على ذلك فإن الوزان كان قمة في العلوم النقلية والعقلية وأنه كان أيضا من الصالحين والورعين، وهما خاصيتان (العلم والورع) قلما تجتمعان في عالم واحد. وقد نقل المنجور عن شيخه الزواوي أنه كان يفضل الوزان على غيره من العلماء المعاصرين، وأن أكثر ما كان الوزان يدرس من العلوم البيان والفقه والأصول.
ولكن الذي أعطانا صورة أوضح من ذلك عن الوزان هو عبد الكريم الفكون صاحب (منشور الهداية). فقد افتتح به تأليفه وحلاه بعبارات تدل على المكانة التي كان الوزان يتمتع بها في قسنطينة. فقال عنه إنه (شيخ الزمان، وياقوتة العصر والأوان، العالم العارف). وأخبر عنه أنه كان لا يجاري في علوم الفقه والأصول والنحو والحديث، وانه كانت له اليد الطولى في علم التصوف، وإنه كانت تشد إليه الرحال لطلب العلم ويفتى بأقواله وأفعاله، ولا غرابة أن يقول الفكون عنه ذلك - فإن الوزان كان شيخ جده عبد الكريم الفكون (الجد) وغيره من العلماء الذين ترجم لهم في كتابه. فهو من هذه الناحية يعرف عنه أكثر من غيره، ثم أنه من نفس البلد (قسنطينة) التي قضى فيها الوزان حياته مدرسا في مساجدها، ولا سيما مسجد السيدة حفصة.
ومما انفرد به الفكون قوله إن الوزان قد تحول من الاهتمام بكتب التصوف إلى الاهتمام بكتب الحديث وأن الكرامات قد شاعت عنه بين الناس، فالوزان كان أولا دعوة من دعوات الشيخ أحمد زروق البرنوصي،