للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك أن البرنوصي كان يتردد من المغرب على قسنطينة في قوافل التجار، وكان محمد الكماد والد الوزان من الموظفين بباب المدينة لمراقبة الداخلين والخارجين واستخلاص الضرائب. فكان يسقط عن الشيخ البرنوصي الضرائب ويكرمه ويستضيفه عنده. وفي إحدى المرات جاء الشيخ البرنوصي فلم يجد محمد الكماد في الباب فسأل عنه فقيل له إنه قد صنع وليمة احتفالا بمولود ولد له. فذهب الشيخ البرنوصي إلى داره وحمل الطفل (أي عمر الوزان) في كفه وجعل يطوف به الدار وهو في حالة خاصة داعيا الله أن يتقبله منه على أية حال. ومنذئذ أصبح الناس يعتقدون أن للشيخ أحمد زروق دورا في نشأة الوزان على ما نشأ عليه من العلم والورع والصلاح.

أما الخبر الثاني الذي ساقه الفكون عنه فهو قوله إن الوزان كان يقرأ كعادته كتب أهل التصوف في الجامع الكبير القديم بقسنطينة بين خزانتي الكتب فخرج عليه شخص وطلب منه أن يعود إلى كتب الحديث النبوي فترك الوزان قراءة كتب التصوف والعناية بطرق القوم وكتب الوعظ واشتغل بالحديث الشريف. فكان يحفظ صحيح البخاري بأسانيده، وفي سياق ذلك ذكر الفكون أيضا أن الوزان قد تكررت رؤياه للخضر عليه السلام وأن له كرامات تمنى (أي الفكون) أن يفردها بتأليف خاص. وأخيرا ذكر أن الوزان قد توفي سنة ٩٦٥ (١). وفي هذا الصدد نذكر أن المنجور قد أخبر أيضا نقلا عن ثقاة علماء قسنطينة أن الوزان كان يقريء الجن (٢). ونحن نسوق هذه الأخبار عن الوزان لنعرف مكانته العلمية والصوفية عند المعاصرين له، وهي مكانة تشبه مكانة عبد الرحمن الثعالبي في وقته. والذي يقرأ الكتب المؤلفة


(١) الفكون (منشور الهداية) مخطوط. أما أحمد بابا (نيل الابتهاج)، ١٩٧ فقد ذكر أن وفاة الوزان كانت حوالي سنة ٩٦٠. ولعله قد نقل ذلك عن فهرس أحمد المنجور المغربي. وقد توفي أحمد زروق سنة ٨٩٩ فيكون تاريخ ميلاد الوزان قبل ذلك ولكنه غير مضبوط.
(٢) أحمد بابا (نيل الابتهاج) ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>