بشعر تعليمي رقيق وسهل، له مسحة دينية جاءت من ورع وتقى صاحبه (١).
ولا تعنينا هنا الدواوين الخالصة بالشعر الديني وروحانية المتصوفين، ولكن تعنينا القصائد المتناثرة والتي قيلت في مناسبات دينية معينة، ونلاحظ من البداية أنها قليلة، وتكاد تنحصر في عدة قصائد. بينما نعتقد أن القصائد الدينية كثيرة، وأن مناسباتها عديدة. فلماذا لم يصلنا منها إلا القليل؟ لعل ذلك راجع إلى أن الشعر الديني في العهد الاستعماري كان للشكوى إلى الله من ظلم الحكام وسوء الحال وتقلب الزمان بأهله. وهذه الظاهرة من القول لا تسر الفرنسيين لأهم يعتبرون ذلك تعريضا بهم وبنظام حكمهم. فكان الشعراء يكتبون شعرهم ويلجأون إلى الرموز أحيانا، ويغرقون في التصوف حتى لا يفهم الآخرون ما يريدون. ويبقى شعرهم موضعا للتأويل فقط. أما الدفاع عن الإسلام ووصف حالة المسلمين من الوجهة الدينية فقلما طرقه الشعراء مباشرة أيضا. وقد هاجم محمد العيد (آشيل) دفاعا عن الدين، واعتز بدخول بعض الأوروبيين الإسلام.
ولا شك أن الطرق الصوفية قد حظيت بالنصيب الكبير من الشعر الديني، لأنها كانت تعمل برخصة من السلطات الفرنسية. فكان الشعراء يجدون الحماية في مدح شيوخ الزوايا ومقدمي الطرق. كما أن للشيوخ أنفسهم أشعارهم، التي ينظمونها للإنشاد في حلقات الذكر وترويج تعاليمهم الصوفية. ويشمل ذلك غوثية الشيخ محمد الموسوم، شيخ الشاذلية في وقته. كما يشمل الطرق الصوفية التي نشطت بالخارج أيضا، كالسنوسية والشاذلية والقادرية. ولنذكر الآن بعض الغوثيات والقصائد.
غوثية مصطفى بن التهامي: وهو مصطفى بن أحمد بن التهامي الغريسي. كان والده من علماء الوقت، وتولى الفتوى في وهران في العهد العثماني. ومن تلاميذه محمد العربي المشرفي (أبو حامد) صاحب التآليف
(١) جمع شعر أحمد سحنون بعد الاستقلال وصدر في ديوان ومن شعراء الدين أيضا محمد بن الرحمن الديسي.