للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العديدة. وأما مصطفى بن التهامي فقد كان صهرا للأمير عبد القادر وخليفة له على معسكر ونواحيها مما شمل، كما يقول المشرفي، قبائل بني عامر وجبال ولهاصة، والترارة، وندرومة. ووصفه المشرفي بأنه سيبويه زمانه بمعرفته بالنحو. وقد درس البلاغة والتفسير في الجامع الأموي بدمشق، بعد الهجرة إليها مع الأمير.

وأثناء سجنه مع الأمير في قلعة امبواز (فرنسا) ضاقت به، وبهم، الحال وطال عليهم الأسر وكاد يصيبهم اليأس. فنظم استغاثته التي سنذكر أبياتا منها. ويقول المهدي البوعبدلي ان هذه الغوثية كانت في حكم الضائعة إلى أن عثر عليها مفتي معسكر الشيخ الهاشمي بن بكار ونشر منها بعض الأبيات في كتابه (مجموع النسب). وقد تحصل عليها البوعبدلي، وقدم لي جزءا كبيرا منها (١).

والغوثية رجز طويل بلغ ٥٣٠ بيتا. وقد وصف فيها ابن التهامي حالته في السجن ثم استغاث بالأنبياء والصحابة والتابعين والصالحين لإطلاق سراحهم وفكاك أسرهم. وشعر ابن التهامي فيه غموض أحيانا، وهو يستعمل الرموز والإشارات. وكنا قد اطلعنا على بعض شعره في مخطوط محمد الشاذلي الذي ذكرناه. وفيه أيضا أغراض دينية أخرى. قال مصطفى بن التهامي في تقديم الغوثية: (ومما قلته مع الرضى والتسليم للقدر والقضاء، متوسلا متضرعا معترفا متبرما مفصلا في الوسائل تارة وتارة مجملا، راجيا النفع لي ولكل من دعا بها (أي الغوثية)، متبذلا، ومؤملا حصول كشف الكرب والفرج).

لما جرى القدر بالخلاف ... ووقع الخلاف بالإتلاف

ووجب الوحش بقفر اليم ... واتحف النقص ببدر التم

واقتنص الصقر عدو صائد ... وللنعام في القرى وصائد

وابتعدت عن العقول حيل ... واقتعدت بالاعتراف جيل


(١) مراسلة منه بتاريخ ٥ أكتوبر ١٩٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>