للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان الافتخار بالماضي والنهوض بالحاضر واستشراف المستقبل المشرق هو لسان الشعراء المصلحين والوطنيين منذ الثلاثينات. وها هو محمد العيد يخاطب فرنسا سنة ١٩٣٦ على لسان الشعب أثناء وداع وفد المؤتمر الإسلامي الذي حمل إلى الحكومة الفرنسية في باريس، مطالب كانت عند البعض متواضعة جدا. ومع ذلك فإن الشاعر اعتبر الحدث قمة في النضج الشعبي والتضامن السياسي، فهو يخاطب فرنسا هكذا:

فخففي الحجر عنا ... إنا نضاهيك رشيدا

إنا نقاضيك دينا ... قد آن أن ويستردا

حقا لنا منك ويقضي ... لا نعمة منك تسدى

نحن الحنيفون دينا ... نحسن المنيفون مجدا

يا شعب بشراك هذا ... خير لجيلك يهدى

فخط للعز صرحا ... وخط للذل لحدا

إن الجزائر منا ... بالروح والمال تفدى (١)

إن هذه الروح الملتهبة بالحماس والوطنية لا نكاد نجدها في الشعر الجزائري خلال القرن الماضي، باستثناء بعض القصائد الفخرية للأمير عبد القادر. وليس من غرضنا الآن تتبع هذا الشعر السياسي إلى عشية الثورة. فقد تكفلت بذلك الدراسات التي ظهرت عن الشعر الجزائري الحديث، وقد أشرنا إليها. على أن جرح ٨ مايو ١٩٤٥ قد أوحى إلى شعراء مثل محمد العيد والإبراهيمي والربيع بوشامة وأحمد معاش الباتني قصائد مؤثرة. وحسبنا الآن التنويه بما أصاب الحركة الشعرية من تحول.

ونريد أن نقول إن بعض الشعراء قد استمروا أيضا في (مدح فرنسا). وقد وجدنا من كان يتغنى بالراية الفرنسية سنة ١٩١٦. وذكرنا أن هناك مجموعة شعرية طبعت سنة ١٩١٦. ولعل هؤلاء الشعراء لم يعرفوا بعد الشعار الوطني: الإسلام ديني والجزائر وطني والعربية لغتي. ومع ذلك


(١) البصائر ٢٤ يوليو ١٩٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>