للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرب طرابلس فهي في الشعر السياسي الذي نحن بصدده. فقد أشاد فيها بأهل طرابلس وكفاحهم المرير ضد العدو، ونوه بضفلهم على العرب والمسلمين، وبكونهم صبروا وصمدوا في وقت تخاذلت فيه القوى الأخرى. وقد اختار لقصيدته عنوان (الأسوة الحسنة) ونشرها في جريدة (الحضارة) التي كانت تصدر بإسطانبول:

رعى الله قوما من طرابلس الغرب ... تبين فضل الشرق منهم على الغرب

خلاصة أسلاف كرام وأمة ... تلاشت نعوت الغير في نعتها الرحب

رجال أبوا أن يضمحل فخارهم ... أمام العدو النهم في طلب النهب

فأصلوه نار القهر درءا لبغيه ... وأبدوا مزايا الحزم والعزم عن قلب

وصانوا ضمار الشرق والشرق مشرف ... على حيرة تفضي إلى الموقف الصعب

على إثر يأس فت في ساعد المنى ... لقد أطلعوا الآمال تلمع كالشهب

فهم معشر أرضوا الإله وحسبهم ... مزية رفع الذل عن عاتق الشعب (١)

إنه شعر جديد في موضوعه وفي نغمته السياسية. وألفاظه غير مألوفة في أدبيات الشعر قبله. ونحن نعرف أن حرب طرابلس التي كان يتحدث عنها قد جربت بين ١٩١١ - ١٩١٢.

ومن هذا النمط قصيدة (يا شرق) لعمر بن قدور أيضا. وهي من الشعر القومي والإسلامي في عهد النهضة. وكان الشاعر يعيش قضايا وطنه وملته وقومه، وكان يتحسر على وقوع بلاد المسلمين في قبضة الأجانب، وهو يرى أن الغرب المتمدن يستخدم الخداع والمكر لمد نفوذه، وكان على الشرق أن يعي نفسه ودوره ويثبت للغرب أنه ناهض للدفاع عن نفسه. وكانت عبارتا (الشرق والغرب) شائعتين عندئذ للدلالة على عالمين متباعدين وفي نفس الوقت واقعين في معركة حضارية كبيرة. وقد نشر ابن قدور قصيدته هذه في


(١) صالح خرفي (عمر بن قدور رائد الصحافة الوطنية الجزائرية)، مجلة الحياة الثقافية (تونس) عدد خاص ٣٢، ١٩٨٤، ص ٤٦. وقد ترجمنا لعمر بن قدور في فقرة الصحافة، فصل المنشآت الثقافية.

<<  <  ج: ص:  >  >>