للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنت لنا شمس تنير على المدى ... أتى نورها من غير أن نتطلعا

أدير بذكراك الذي منك قد مضى ... فاشرب كأسا بالصفاء مشعشعا

يذكر فيك المجد والعلم والتقى ... فانظر من علياك عرشا مرفعا

وتلوى إلى تلك المجالس فكرتي ... فتنرك قلبي بالخيال ممتعا

محافل كان العلم فيها مجالسي ... أسامر بدرا بالجلال مقنعا (١)

والقصيدة تدور على هذا النمط من الذكريات العلمية والأدبية التي قامت بين الرجلين ثم افترقا. وكان الشيخ عبده يسمى ابن سماية (ولدي). وقد راسله من صقلية ومن مصر.

وكانت للمغرب الأقصى وفود دينية وسياسية تتردد على الجزائر، ويحظى بعض رجالها بالترحيب. ومن الزيارات الدينية زيارة شريف وزان، زعيم الطريقة الطيبية في آخر القرن الماضي. ولا نعرف أن هناك من مدح شريف وزان عندئذ. ثم حل وفد مغربي رسمي أوائل هذا القرن برئاسة الوزير محمد الجباس، وجندت السلطات الفرنسية أدباء وأعيان البلاد للترحيب بالوفد المغربي، ومنهم محمد بن مصطفى خوجة الذي سبق ذكره. ولكن الشعر كان غائبا في هذه المناسبة أيضا، على ما نعلم. وكان عبد الحي الكتاني يتردد على الجزائر، فتبادل مع بعض علمائها الشعر والإجازات، كما سنعرف. أما قصائد المدح فلم تنظم إلا في الوزير محمد الحجوي الذي جاء إلى الجزائر لحضور ندوة جامعة الزوايا، التي أنشأتها الطرق الصوفية في المغرب العربي بدعم وإيعاز من السلطات الفرنسية. وكان ذلك سنة ١٣٥٧ (١٩٣٨). ومن الشعراء الذين شاركوا في النظم أحمد الأكحل الذي سبق ذكره، والبشير الرابحي. وكان أحمد الأكحل عندئذ رئيسا لجمعية تسمى الحياة، أما الرابحي فقد كان إماما بجامع الزحاولة غير بعيد من العاصمة. ونظن أن هذا الشعر كان أيضا بإيعاز من الفرنسيين، لأن الشاعرين لا يمكنهما تمجيد الرجل لو لم توافق الإدارة.


(١) انظر المنار، وأيضا دبوز (نهضة الجزائر)، ١/ ١٢٥، وقد جاء منها بـ ١٥ بيتا.

<<  <  ج: ص:  >  >>