للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزائر لابن الشاهد، كما تشمل مراثي الجزائريين وغيرهم. وبالمقارنة سنرى أن حجم المراثي ضئيل بالنسبة إلى بعض الأغراض الأخرى. وهذا الشعر، كغيره، فيه الصادق الجيد وفيه المتكلف الضعيف، والرثاء يمكن أن يكون بابا من أبواب المدح كما أشرنا، ولكن للأموات.

وقد قيل رثاء كثير في الأمير عبد القادر عند وفاته سنة ١٨٨٣. ولكن أغلب من رثاه كانوا من المشارقة. أما الجزائريون فقد رثاه منهم بعض المهاجرين، مثل محمد المبارك والطاهر السمعوني. فقال الأول من قصيدة بعثها إلى محمد بن الأمير، كبير العائلة:

الصبر أجدر في الخطوب وأليق ... والحزم أوفق بالنفوس وأرفق

وبعث مع القصيدة رسالة تضمنت أبياتا عديدة على عادتهم في ذلك. وتعتبر من الرسائل الأدبية الرائقة (١).

أما الطاهر السمعوني فقد أرسل من بيروت قصيدة ورسالة أيضا إلى محمد بن الأمير والعائلة، وعبر عن حرقته لوفاة الأمير ومكانته في الجزائر والمشرق:

خطب جسيم عم بالأكدار ... ما بعده لسواه من مقدار (٢)

أما الجزائريون المقيمون في بلادهم فلا نعرف أنهم رثوا الأمير غير ابن عمه الطيب بن المختار، ولعل ذلك راجع إلى خوفهم من سوء معاملة فرنسا لهم أو عدم وجود وسائل النشر. أما الطيب بن المختار فقد بعث بقصيدته إلى محمد بن الأمير، وهي:

هذا هو الرزء لا الرزء الذي غبرا ... فليتني كنت قبل اليوم تحت ثرا

ولعل هناك من رثى الأمير أيضا دون أن تصل إلينا آثارهم.

وكان الأمير عبد القادر نفسه قد رثى والدته. وكانت قد رافقته في كل


(١) تحفة الزائر، ٢/ ٢٦٩.
(٢) نفس المصدر، ٢/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>