للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنقلاته. وعاونته أثناء جهاده. وكان يكن لها حبا جما. وقد أدركها الموت في دمشق عن ثمانين سنة. وحضر الأمير دفنها وعبر عن حزنه بعد ذلك في قصيدة، مطلعها:

جاورت يا لحدها في الشام يحياها ... وأنت يا روحها بشراك في طه

ولا أقول اختفى في الرمس هيكلها ... لكن أقول سماء الشمس موطاها

وقبل ذلك كان الشيخ مصطفى الكبابطي قد رثى شيخه علي المانجلاتي بابيات قليلة وضعيفة. ولكنها تعبر عن لوعته وشدة مصابه. وكان ذلك في السنوات الأولى للاحتلال (حوالي ١٨٣٥). قال الكابطي:

سهام المنايا علام تميل عن الغرض ... فلو تقبل الأبدال كنت أنا العوض

وكان المانجلاتي من المدرسين وأصحاب الوظائف الدينية. وقد تولى الكبابطي القضاء والفتوى بعده، ثم نفاه الفرنسيون سنة ١٨٤٣ إلى الإسكندرية حيث توفي.

وسبق أن ذكرنا أن الشيخ المكي بن عزوز قد رثى الشيخ المختار الجلالي، شيخ زاوية أولاد جلال الرحمانية. كما رثى غيره (١).

واشتهرت من قصائد الرثاء في المدن والوطن عامة (٢)، قصيدة محمد بن الشاهد الذي بكى مدية الجزائر على إثر احتلالها. وقد كنا خصصنا لابن الشاهد دراسة في غير هذا، وذكرنا بعض نسخ القصيدة، كما عثر عليها السيد فانسان الفرنسي وترجمها إلى الفرنسية ونشرها في المجلة الآسيوية. وقد كان ابن الشاهد من كبار شعراء زمنه، وأدركه الاحتلال كبير السن، وفاقد البصر، وأصبح في حاجة إلى من يقدم له المساعدة على قوت يومه، بعد أن استولى الفرنسيون على أموال الأوقاف. وكان رثاؤه صادقا معبرا عن لوعة الحزن، ووصف فيه حالة المدينة وسكانها على إثر الغزو،


(١) انظر سابقا، وكذلك كناش الطواحني - المكتبة الوطنية، تونس، رقم ١٨٧٦٣، ورقة ٤٣? ٤٤.
(٢) عن رثاء مدينة الجزائر بالعامية انظر فقرة الشعر الشعبي: في ذم الزمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>