للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أموت وما تدري البو اكي بقصتي ... وكيف يطيب العيش والأنس في الكفر

فيا عين جودي بالدموع سماحة ... ويا حزن شيد في الفؤاد ولا تسر

ويا دار تدبير الأمور لخالقي ... فصبرا عسى عسر يبدل باليسر (١)

وفي هذا القرن بكى الشعراء بعض المدن على إثر الزلازل ونحوها، كما فعل الشاعران محمد العيد ومفدي زكريا مع مدينة الأصنام سنة ١٩٥٤. ولم نعثر على شعر يرثى المدن الأخرى التي غزاها الفرنسيون عنوة، مثل قسنطينة وبجاية وتلمسان والمدية. ولعل الشعراء قد فعلوا وضاع شعرهم، لأنه يعتبر من الشعر السياسي المضاد للاحتلال، فلم يذع ولم ينشر.

أما رثاء الأعيان، فلا شك أنه قد استمر، ولكن الموجود منه قليل، كما لاحظنا. وما نعرفه الآن هو القريب من عهدنا، ولا شك أيضا أن شخصية مثل محمد بن يوسف أطفيش لا تختفي دون أن يبكيها الشعراء من التلاميذ وغيرهم، ومثله المجاوي وغيره من شيوخ العلم والتصوف. وقد رثى محمد العيد ابن باديس بأبيات ليست في مستوى مكانته ومنزلته عند الجزائريين. ولعل ذلك راجع إلى أن الوفاة حدثت خلال الحرب العالمية الثانية (١٦ إبريل ١٩٤٠)، وكان السكوت مفروضا بالقانون ومطلوبا بالحيطة. كما رثى محمد العيد الأمير خالد سنة ١٩٣٦، وكان رثاؤه أيضا دون مستوى المرثي وشاعرية الشاعر.


(١) انظر أيضا النص الذي نشره محمد الهادي الغزي في (الأدب التونسي في العهد الحسيني)، تونس ١٩٧٢، ص ٦١ - ٦٢. وهو لم يعرف بابن الشاهد، وقد ذكر أن القصيدة مأخوذة من كناش مخطوط بالخلدونية (تونس) رقم ٣٢٥٩، ص ١٦٩. هذا وقد رثى عدد من شعراء تونس الجزائر على إثر احتلالها، ومنهم أحمد القليبي الذي اعتبر احتلال الجزائر مقدمة لاحتلال تونس وغيرها، وبدأ شعره هكذا:
عظم الله أجركم في الجزائر ... وجزاكم برزئها أجر صابر
وهي مذكورة في المصدر نفسه، وكذلك في مخطوط رقم ١٦٥١١. وبكى الجزائر بالشعر الملحون محمود السيالة، في قطعتين. انظر مخطوط تونس رقم ١٩٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>