والطيب بن المختار وابن التهامي (شعراء معسكر) نماذج من ذلك سنعرض إليها. أما منذ ١٩٢٠ فقد كثر هذا الشعر لدى شباب المتعلمين أمثال الهادي السنوسي ورمضان حمود، ومحمد العيد ومبارك جلواح وعبد الكريم العقون، ثم عند أحمد معاش منذ الخمسينات.
ولا يمكننا ذكر النماذج على ذلك كله. فمنه المعلوم والمجهول لدينا. ومن المعلوم شعر المرحلة الأخيرة، وذلك لتوفر دواوين بعض الشعراء وتقدم الدراسات التي أشرنا إليها في مختلف الجامعات. فقد أصبح شعر مفدي زكريا ومحمد العيد ورمضان حمود وجلواح وسحنون وأضرابهم معروفا في الدواوين أو في الدراسات. بينما ظل شعر المرحلة الأولى (قبل ١٩١٩) مجهولا تقريبا، عدا بعض الدواوين التي أشرنا إليها، مثل (نزهة الخاطر) للأمير، وما أورده صاحب تعريف الخلف من شعر لبعض متعلمي القرن الماضي أمثال الطيب بن المختار وأبي طالب الغريسي. أما المرحلة الوسطى (بين ١٨٩٠ و ١٩٢٠) فقد برز فيها أمثال عاشور الخنقي ومحمد بن عبد الرحمن الديسي وعمر بن قدور وابن الموهوب والقاضي شعيب والزريبي. وهؤلاء وأمثالهم لم يتميزوا بالشعر الذاتي إلا قليلا. فلننظر الآن كيف تناول الشعراء هذا النوع من الشعر.
ففي الوصف والارتباط بالمكان (الأطلال؟)، تقف قصيدة الأمير في تلمسان فريدة من نوعها. وقد تمثلها فتاة بكرا وهو فارسها المغوار. ورغم أنه وصف المعنى أكثر من المبنى والظل أكثر من الرسم، فإن عاطفته كانت جياشة وكان شعره حينئذ يمثل نقلة جديدة في شعر الوصف والحب والارتباط بالمكان. وكانت تلمسان رمزا سياسيا أيضا. فقد صارع الأمير الفرنسيين عليها حتى استعادها منهم، ثم أجبروه على الخروج منها بعد نحو ست سنوات. وقد بدأها بقوله:
إلى الصون مدت تلمسان يداها ... ولبت فهذا حسن صوت نداها
وقد رفعت عنها الأزار فلج به ... وبرد فؤادا من زلال نداها